للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد تقدَّم أنَّ صدقة السِّرِّ تُطفئُ الخطيئة، وتُطفئ غضبَ الرَّبِّ، فكذلك صلاةُ الليل.

وقوله: «ثم تلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (١)، يعني: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تلا هاتين الآيتين عندَ ذكره فضلَ صلاة الليل، ليبيِّنَ بذلك فضل صلاة الليل، وقد رُويَ عن أنس أنَّ هذه الآية نزلت في انتظار صلاةِ العشاء، خرَّجه الترمذي وصححه (٢). ورُوي عنه أنَّه قال في هذه الآية: كانوا يتنفلون بينَ المغرب والعشاء، خرَّجه أبو داود (٣). وروي نحوه عن بلال، خرّجه البزار بإسنادٍ ضعيف (٤).

وكلُّ هذا يدخل في عموم لفظ الآية، فإنَّ الله مدح الذين تتجافى جنوبُهم عن المضاجع لدعائه، فيشملُ ذلك كلَّ مَنْ ترك النَّومَ بالليل لذكر الله ودُعائه، فيدخلُ فيه مَنْ صلَّى بين العشاءين، ومن انتظرَ صلاة العشاءِ فلم ينم حتَّى يُصليها لاسيما مع حاجته إلى النوم، ومجاهدة نفسه على تركه لأداء الفريضة، وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمنِ انتظرَ صلاةَ العشاء: «إنَّكم لن تَزالوا في صلاةٍ ما انتظرتم الصَّلاة» (٥).

ويدخلُ فيه مَنْ نامَ ثمَّ قام مِنْ نومه باللَّيل للتهجُّدِ، وهو أفضلُ أنواع التطوُّع بالصَّلاة مطلقاً.


(١) السجدة: ١٦ - ١٧.
(٢) في " جامعه " (٣١٩٦).
وأخرجه: الطبري في " تفسيره " (٢١٥٠٥).
(٣) في " سننه " (١٣٢٢).
وأخرجه: الطبري في " تفسيره " (٢١٥٠٥).
(٤) في " مسنده " (١٣٦٤). وفيه عبد الله بن شبيب، قال عنه الهيثمي: «ضعيف». انظر: مجمع الزوائد ٧/ ٩٠، وكذا في السند علل أُخر.
(٥) أخرجه: ابن أبي شيبة (٤٠٧٤)، وأحمد ٣/ ١٨٢ و ١٨٩ و ٢٠٠ و ٢٦٧، وعبد بن
حميد (١٢٩٢)، والبخاري ١/ ١٥٠ (٥٧٢) و ١/ ١٦٨ (٦٦١) و ١/ ٢١٤ (٨٤٧) و ٧/ ٢٠١ (٥٨٦٩)، ومسلم ٢/ ١١٦ (٦٤٠) (٢٢٢)، وأبو يعلى (٣٣١٣)، وأبو عوانة ١/ ٣٠٣، وابن حبان (١٥٣٧)، وأبو نعيم في " المسند المستخرج " (١٤٢٣)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٦٣٧٠).

<<  <   >  >>