للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من دخله من الخُروج عن حدوده ومجاوزتها، وليس وراءَ ما حدَّ الله من المأذونِ فيه إلاَّ ما نهى عنه، ولهذا مدح سبحانه الحافظينَ لحدوده، وذمَّ من لا يعرف حدَّ الحلال من الحرام، كما قال تعالى: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ} (١). وقد تقدَّم حديث القرآن وأنَّه يقول لمن عمل به: حَفِظَ حدودي، ولمن لم يعمل به: تعدَّى حدودي.

والمراد: أنَّ من لم يُجاوز ما أُذِنَ له فيه إلى ما نُهِي عنه، فقد حفظ حدودَ الله، ومن تعدَّى ذلك، فقد تعدَّى حدود الله (٢) (٣).

وقد تُطلق الحدودُ، ويراد بها نفسُ المحارم (٤)، وحينئذٍ فيقال: لا تقربوا

حدودَ الله، كما قال تعالى: {تِلْكَ حُدُوْدُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها} (٥)، والمراد: النَّهي عن ارتكاب ما نهى عنه في الآية من محظورات الصِّيام والاعتكاف في المساجد، ومن هذا المعنى - وهو تسميةُ المحارم حدوداً - قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ القائمِ على حدودِ الله والمُدْهِنِ فيها، كمثل قوم اقتسموا سفينة» (٦) الحديث المشهور،

وأراد بالقائم على حدود الله: المنكر للمحرَّمات والناهي عنها (٧).

وفي حديث ابنِ عباس، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إني آخذ بحُجَزِكُم أقول: اتَّقوا النَّارَ، اتَّقوا الحدودَ» قالها ثلاثاً، خرَّجه الطبراني (٨) والبزار (٩)، وأراد بالحدود محارم الله ومعاصيه، ومنه قولُ الرجل الذي قال للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إني أصبتُ حداً فأقمه عليَّ (١٠).


(١) التوبة: ٩٧.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) من قوله: «والمراد: أن كمن لم يتجاوز … » إلى هنا سقط من (ص).
(٤) انظر: لسان العرب ٣/ ٧٩ (حدد).
(٥) البقرة: ١٨٧.
(٦) أخرجه: الحميدي (٩١٩)، وأحمد ٤/ ٢٦٨ و ٢٦٩ و ٢٧٠ و ٢٧٣، والبخاري ٣/ ١٨٢
(٢٤٩٣) و ٣/ ٢٣٧ (٢٦٨٦)، والترمذي (٢١٧٣)، وابن حبان (٢٩٧) و (٢٩٨)
و (٣٠١)، والبيهقي ١٠/ ٩١ و ٢٨٨، والبغوي (٤١٥١) من حديث النعمان بن بشير، به.
(٧) انظر: فتح الباري لابن حجر ٥/ ٣٦٢.
(٨) في " الكبير " (١٠٩٥٣).
(٩) كما في " كشف الأستار " (١٥٣٦).
(١٠) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>