للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والمراد: من أمسك بعد أنْ طلَّق بغير معروف، أو سرَّح بغير إحسانٍ، أو أخذ ممَّا أعطى المرأة شيئاً على غير وجه الفدية التي أذِنَ الله فيها.

وقال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ} (١) إلى قوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (٢)، والمراد: من تجاوز ما فرضه الله للورثة، ففضَّلَ وارثاً، وزاد على حقه، أو نقصه منه، ولهذا قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في خطبته في حجَّة الوداع: «إنَّ الله قد أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّه فلا وصية لوارث» (٣).

وروى النَّوَّاس بنُ سمعان، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٤) قال: «ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جَنَبَتيِّ الصِّراط سوران فيهما أبواب مفتَّحةٌ، وعلى الأبواب ستورٌ مرخاة، وعلى باب الصِّراط داعٍ يقول: يا أيُّها النَّاسُ، ادخُلوا الصِّراط جميعاً، ولا تُعرِّجوا، وداعٍ يدعو من جوفِ الصِّراط، فإذا أراد أنْ يفتحَ شيئاً من تلك الأبواب، قال: وَيْحَكَ لا تَفتحه، فإنَّك إنْ تَفتحه تَلِجْه، والصِّراطُ: الإسلامُ، والسُّوران: حدودُ الله، والأبواب المفتَّحةُ: محارمُ الله، وذلك الداعي على رأس الصِّراط كتاب الله، والداعي من فوقُ: واعظ الله في قلب كلِّ مسلم» خرَّجه الإمام أحمد (٥)، وهذا لفظه، والنَّسائي في " تفسيره " (٦)، والترمذي (٧) وحسنه.

فضرب النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَ الإسلام في هذا الحديث بصراطٍ مستقيمٍ، وهو الطريقُ السَّهلُ الواسعُ، الموصلُ سالكَه إلى مطلوبه، وهو - مع هذا - مستقيمٌ، لا عوَجَ فيه، فيقتضي

ذلك قربَه وسهولته، وعلى جنبتي الصِّراط يمنة ويَسرة سوران، وهما حدودُ الله، وكما أنَّ السُّورَ يمنع من كان داخله مِن تعدِّيه ومجاوزته، فكذلك الإسلامُ يمنع


(١) النساء: ١٣.
(٢) النساء: ١٤.
(٣) أخرجه: أبو داود (٢٨٧٠) و (٣٥٦٥)، وابن ماجه (٢٧١٣)، والترمذي (٢١٢٠)، والبيهقي ٦/ ٢٦٤ من حديث أبي أمامة، به مرفوعاً، قال الترمذي: «هو حديث حسن».
(٤) من قوله: «في خطبته … » إلى هنا لم يرد في (ص).
(٥) في " مسنده " ٤/ ١٨٢ - ١٨٣.
(٦) التفسير (٢٥٣).
(٧) في " جامعه " (٢٨٥٩).

<<  <   >  >>