للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الفضيل بن عياض: إنْ شئت استَقِلَّ مِنَ الدُّنيا، وإنْ شئت استكثر منها فإنَّما تأخُذُ مِن كيسك.

ويشهد لهذا أنَّ الله - عز وجل - حرَّم على عباده أشياءَ مِنْ فضول شهواتِ الدُّنيا وزينتها وبهجتها، حيث لم يكونوا محتاجين إليه، وادَّخره لهم عنده في الآخرة، وقد وقعت الإشارة إلى هذا بقوله - عز وجل -: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرحمان لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ} إلى قوله: {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنيا وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} (١).

وصحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «مَنْ لبس الحَريرَ في الدُّنيا، لم يلبسه في

الآخرة» (٢)، و «من شرب الخمر في الدُّنيا لم يشربها في الآخرة» (٣).

وقال: «لا تلبَسوا الحريرَ ولا الدِّيباجَ، ولا تشربوا في آنية الذَّهبِ والفِضَّةِ، ولا تأكُلُوا في صحافها، فإنَّها لهم في الدُّنيا، ولكم في الآخرة» (٤).

قال وهب: إنَّ الله - عز وجل - قال لموسى - عليه السلام -: إنِّي لأذودُ أوليائي عن نعيم الدُّنيا ورخائها كما يذودُ الرَّاعي الشفيقُ إبِلَه عن مبارك العُرَّةِ، وما ذلك لهوانهم عليَّ، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالماً موفراً لم تَكْلَمْه الدُّنيا (٥).

ويشهد لهذا ما خرَّجه الترمذي عن قتادة بن النُّعمان، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إنَّ الله إذا أحبَّ عبداً حماه عَنِ الدُّنيا، كما يَظَلُّ أحدُكُمْ يحمي سقيمَه الماءَ» (٦)، وخرَّجه الحاكم (٧)، ولفظه: «إنَّ الله ليحمي عبدَه


(١) الزخرف: ٣٣ - ٣٥.
(٢) أخرجه: البخاري ٧/ ١٩٣ (٥٨٣٢)، ومسلم ٦/ ١٤٢ - ١٤٣ (٢٠٧٣) (٢١) من حديث أنس بن مالك، به.
(٣) أخرجه: البخاري ٧/ ١٣٥ (٥٥٧٥)، ومسلم ٦/ ١٠٠ (٢٠٠٣) (٧٣)، وأبو داود
(٣٦٧٩)، وابن حبان (٥٣٦٦)، والبيهقي ٨/ ٢٩٣، والبغوي (٣٠١٣) من حديث عبد الله بن عمر، به.
(٤) أخرجه: الحميدي (٤٤٠)، والبخاري ٧/ ٩٩ (٥٤٢٦)، ومسلم ٦/ ١٣٦ - ١٣٧
(٢٠٦٧) (٤) و (٥)، وابن ماجه (٣٤١٤) و (٣٥٩٠)، والترمذي (١٨٧٨)، والنسائي ٨/ ١٩٨ - ١٩٩، وابن حبان (٥٣٣٩) من حديث حذيفة، به.
(٥) أخرجه: أبو نعيم في " حلية الأولياء " ١/ ١١ - ١٢ من طرق عن ابن عباس، بنحوه.
(٦) أخرجه: الترمذي (٢٠٣٦)، وابن حبان (٦٦٩)، والطبراني في " الكبير " ١٩/ (١٧) من حديث قتادة، به، وقال الترمذي: «حسن غريب».
(٧) في " المستدرك " ٤/ ٢٠٧ و ٣٠٩ من حديث قتادة بن النعمان، به.

<<  <   >  >>