للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

همزة (١)، ورُوي «إضرار» بالهمزة (٢)، ووقع ذلك في بعض روايات ابن ماجه والدراقطني، بل وفي بعض نسخ " الموطأ "، وقد أثبت بعضُهم هذه الرواية وقال: يقال: ضَرَّ وأضر بمعنى، وأنكرها آخرون، وقالوا: لا صحَّة لها.

واختلفوا: هل بين اللفظتين - أعني: الضَّرر والضرار - فرقٌ أم لا؟ فمنهم من قال: هما بمعنى واحد على وجه التأكيد، والمشهورُ أنَّ بينهما فرقاً، ثم قيل: إنَّ الضَّرر هو الاسم، والضِّرار: الفعل، فالمعنى أنَّ الضَّرر نفسَه منتفٍ في الشَّرع، وإدخال الضَّرر بغير حقٍّ كذلك.

وقيل: الضَّرر: أنْ يُدخِلَ على غيرِه ضرراً بما ينتفع هو به، والضِّرار: أن يُدخل على غيره ضرراً بما لا منفعةَ له به (٣)، كمن منع ما لا يضرُّه ويتضرَّرُ به الممنوع، ورجَّح هذا القول طائفةٌ، منهم ابنُ عبد البرِّ، وابنُ الصلاح.

وقيل: الضَّرر: أنْ يضرّ بمن لا يضره، والضِّرار: أن يضرَّ بمن قد أضرَّ به على

وجهٍ غيرِ جائزٍ.

وبكلِّ حال فالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّما نفى الضرر والضِّرار بغير حق.

فأما إدخالُ الضرر على أحدٍ بحق، إمَّا لكونه تعدَّى حدودَ الله، فيعاقَبُ بقدر جريمته، أو كونه ظلمَ غيره، فيطلب المظلومُ مقابلتَه بالعدلِ، فهذا غير مرادٍ قطعاً، وإنما المرادُ: إلحاقُ الضَّررِ بغيرِ حقٍّ، وهذا على نوعين:

أحدهما: أنْ لا يكونَ في ذلك غرضٌ سوى الضَّررِ بذلك الغير، فهذا لا ريبَ في قُبحه وتحريمه (٤)، وقد ورد في القرآن النَّهيُ عن المضارَّة في مواضع: منها في الوصية، قال الله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَار} (٥)، وفي حديث أبي هريرة المرفوع: «إنَّ العبدَ ليعملُ بطاعةِ اللهِ ستِّين سنةً، ثم يحضُرُه


(١) ضِرار: بدون همزة بمعنى: أي لا يدخِلُ الضرر على الذي ضرَّهُ ولكن يعفو عنه. انظر:
لسان العرب ٨/ ٤٤.
(٢) إضرار: بمثل معنى أن يتزوج الرجلُ على ضَرَّةٍ. انظر: الصحاح ٢/ ٧٢١.
(٣) انظر: النهاية ٣/ ٨١ - ٨٢.
(٤) سقطت من (ص).
(٥) النساء: ١٢.

<<  <   >  >>