للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

من ولي القتيل شاهِدين على من قتله، فقال: ومن أين أُصيبُ شاهدين؟ قال: «فتحلِفُ خمسين قسامةً»، قال: كيف أحلِفُ على ما لم أعلم؟ قال:

«فتستحلفُ منهم خمسين قسامة» فهذا الحديث يَجمَعُ به بين روايتي سعيد بن

عُبيد، ويحيى بن سعيد، ويكونُ كلٌّ منهما تركَ بعض القصَّة، فترك سعيدٌ ذِكرَ قسامة المدَّعين، وترك يحيى ذكر البيِّنة قبل طلب القسامة، والله أعلم.

وأما مسألة الشَّاهد مع اليمين، فاستدلَّ من أنكر الحكم بالشَّاهد واليمين بحديث: «شَاهِداك أو يمينه» (١) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس لك إلاَّ ذلك» (٢)، وقد تكلم القاضي إسماعيل المالكي في هذه اللفظة، وقال: تفرَّد بها منصورٌ عن أبي وائل، وخالفه سائرُ الرُّواة، وقالوا: إنَّه سأله: «ألك بيِّنَةٌ أم لا؟» والبيِّنَةُ لا تقف على الشَّاهدين فقط. بل تعمُّ سائر ما يُبيِّنُ الحقَّ.

وقال غيرُه: يحتمل أنْ يريدَ بشاهديه كلَّ نوعين يشهدان للمدَّعي بصحَّة دعواه يتبيَّن بهما الحقّ، فيدخُلُ في ذلك شهادةُ الرجلين، وشهادةُ الرَّجُل مع المرأتين، وشهادةُ

الواحد مع اليمين، وقد أقام الله سبحانه أيمانَ المدَّعي مقامَ الشُّهود في

اللعان.

وقوله في تمام الحديث: «ليس لك إلاّ ذلك»: لم يُرِد به النَّفيَ العامَّ، بل النَّفي الخاصَّ، وهو الذي أراده المدَّعي، وهو أنْ يكونَ القولُ قولَه بغير بيِّنةٍ، فمنعه من ذلك، وأبى ذلك عليه، وكذلك قولُه في الحديث الآخر: «ولكن اليمين على المدَّعى عليه» إنَّما أريد بها اليمينُ المجردة عن الشهادة، وأوَّلُ الحديث يدلُّ على ذلك، وهو قوله: «لو يُعطى النَّاسُ بدعواهم لادَّعى رجالٌ دماءَ رجال وأموالهم» فدلَّ على أن قولَه: «اليمين على المُدَّعَى عليه» إنَّما هي اليمينُ القاطعة للمنازَعَةِ مع عدم البينة، وأما اليمينُ المثبتة للحقِّ، مع وجود الشهادة، فهذا نوعٌ آخر، وقد ثبت بسنَّةٍ أخرى.


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>