للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (١).

وامتنَّ على عباده بالتَّأليف بين قلوبهم، كما قال تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} (٢)، وقال: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} (٣).

ولهذا المعنى حرم المشي بالنَّميمة، لما فيها من إيقاع العداوة والبغضاء، ورُخِّصَ في الكذب في الإصلاح بين النَّاس، ورغَّب الله في الإصلاح بينهم، كما قال تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ

أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً

عَظِيماً} (٤)، وقال: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ

الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (٥)، وقال: {فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (٦).

وخرَّج الإمام أحمد (٧) وأبو داود (٨) والترمذيُّ (٩) من حديث أبي الدرداء، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ألا أخبركم بأفضلَ مِنْ درجة الصلاة والصيام والصَّدقة؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «صلاحُ ذاتِ البينِ؛ فإنَّ فسادَ ذات البين هي الحالِقةُ».

وخرَّج الإمام أحمد (١٠) وغيرُه من حديث أسماءَ بنتِ يزيد، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ألا أُنبِّئُكم بشرارِكم؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «المشَّاؤون بالنَّميمة، المفرِّقُون بينَ الأحبَّةِ، الباغون للبُرءاءِ العَنَت».

وأمَّا البغض في الله، فهو من أوثق عرى الإيمان، وليس داخلاً في النَّهي، ولو


(١) المائدة: ٩١.
(٢) آل عمران: ١٠٣.
(٣) الأنفال: ٦٢ - ٦٣.
(٤) النساء: ١١٤.
(٥) الحجرات: ٩.
(٦) الأنفال: ١.
(٧) في " مسنده " ٦/ ٤٤٤.
(٨) في " سننه " (٤٩١٩).
(٩) في " جامعه " (٢٥٠٩)، وقال: «حسن صحيح».
وأخرجه: البخاري في " الأدب المفرد " (٣٩١)، وابن حبان (٥٠٩٢)، والبيهقي في
" الآداب " (١١٧)، والبغوي (٣٥٣٨).
(١٠) في " مسنده " ٦/ ٤٥٩، وإسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب.

<<  <   >  >>