للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختلفوا: هل ينقطع الهِجران بالسَّلام؟ فقالت طائفةٌ: يَنقطِعُ بذلك، ورُوي عن الحسن ومالكٍ في رواية ابن وهبٍ (١)، وقاله طائفةٌ من أصحابنا، وخرَّج أبو داود (٢) من حديث أبي هريرة عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: «لا يحلُّ لمؤمنٍ أنْ يهجُرَ مؤمناً فوق ثلاثٍ، فإن مرَّت به ثلاثٌ، فليلقَهُ، فليسلِّم عليهِ، فإن ردَّ عليهِ السَّلامَ، فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يردَّ عليهِ، فقد باءَ بالإثم، وخرج المُسلِّمُ من الهجرة». ولكن هذا فيما إذا امتنع الآخرُ من الرَّدِّ عليهِ، فأمَّا معَ الرَّدِّ إذا كانَ بينهما قبل الهجرةِ مودَّةٌ، ولم يعودا إليها، ففيه نظر. وقد قالَ أحمد في رواية الأثرم، وسئل عن السَّلام: يقطعُ الهِجران؟ فقال: قد

يُسلم عليه وقد صَدَّ عنه (٣)، ثم

قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يلتقيان فيصدُّ هذا، ويصدُّ هذا»، فإذا كان قد عوَّده أنْ يُكلِّمه أو يُصافحه. وكذلك رُوي عن مالكٍ أنَّه لا تنقطعُ الهجرة بدونِ العود إلى المودَّة (٤).

وفرَّق بعضُهم بين الأقارب والأجانب، فقال في الأجانب: تزول

الهجرةُ بينهم بمجرَّد السَّلام، بخلافِ الأقارب، وإنَّما قال هذا لوجوب صلة

الرَّحِمِ.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يبِعْ بعضُكم على بيع بعض» قد تكاثرَ النَّهي عَنْ ذلك، ففي " الصحيحين " (٥) عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لا يبيع الرجلُ على بيع أخيه، ولا يخطُبُ على خِطبةِ أخيه». وفي رواية لمسلم (٦): «لا يَسُمِ المسلمُ على سومِ المسلم، ولا يَخطُبُ على خِطبته». وخرَّجاه (٧) من حديث ابن عمر عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لا

يَبِعِ الرَّجُلُ على بيع أخيه، ولا يخطُبْ على خِطبة أخيه، إلاَّ أنْ يأذن له». ولفظه لمسلم.

وخرَّج مسلم (٨) من حديث عقبة بن عامر، عن


(١) انظر: تحفة الأحوذي ٦/ ٥١ (ط. دار الكتب العلمية).
(٢) في " سننه " (٤٩١٢).
وأخرجه: البيهقي ١٠/ ٦٣، وفي إسناده مقال.
(٣) انظر: التمهيد ٦/ ١٢٧ - ١٢٨.
(٤) انظر: التمهيد ٦/ ١٢٨.
(٥) صحيح البخاري ٣/ ٩٠ - ٩١ (٢١٤٠)، وصحيح مسلم ٤/ ١٣٨ (١٤١٣) (٥١).
(٦) ٤/ ١٣٨ (١٤١٣) (٥١).
(٧) أخرجه: البخاري ٣/ ٩٠ (٢١٣٩)، ومسلم ٤/ ١٣٨ (١٤١٢) (٤٩).
(٨) في " صحيحه " ٤/ ١٣٩ (١٤١٤).

<<  <   >  >>