للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَربةً من ماءٍ، فسقيتُك، قال: قد عرفتُ، قال: فاشفع لي بها عند ربِّك، قال: فيسأل الله - عز وجل -، ويقول: شفِّعني فيه، فيأمر به، فيُخرجه من النار».

وقوله: «كُربة من كُرَبِ يوم القيامة»، ولم يقل: «من كُرب الدُّنيا والآخرة» كما قيل في التَّيسير والسَّتر، وقد قيل في مناسبة ذلك: إنَّ الكُرَبَ هي الشَّدائدُ العظيمة، وليس كلّ أحد يحصُلُ له ذلك في الدُّنيا، بخلاف الإعسار والعورات المحتاجة إلى الستر، فإنَّ

أحداً لا يكادُ يخلو في الدُّنيا من ذلك، ولو بتعسُّر بعض الحاجات المهمَّة. وقيل: لأنَّ كُرَبَ الدُّنيا بالنِّسبة إلى كُرَب الآخرة كلا شيءٍ، فادَّخر الله جزاءَ تنفيسِ الكُرَبِ عندَه، لينفِّسَ به كُرَب الآخرة، ويدلُّ على ذلك قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «يجمع الله الأوَّلين والآخرين في صعيدٍ واحدٍ، فيسمَعُهُم الدَّاعي، وينفُذُهُم البصر، وتدنو الشَّمسُ منهم، فيبلُغُ النَّاسُ من الغمِّ والكرب ما لا يُطيقون ولا يحتملون، فيقول الناسُ بعضُهم لبعض: ألا ترونَ ما قد بلغكُم؟ ألا تنظرون من يشفعُ لكم إلى ربِّكم؟»، وذكر حديثَ الشفاعة، خرّجاه (١) بمعناه من حديث أبي هريرة.

وخرَّجا (٢) من حديث عائشة عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «تُحشرون حُفاةً عُراةً غُرْلاً»، قالت: فقلتُ: يا رسول الله، الرِّجال والنِّساءُ ينظرُ بعضُهم إلى بعضٍ؟ قال: «الأمرُ أشدُّ من أن يُهِمَّهم ذلك».

وخرَّجا (٣) من حديث ابن عمر عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (٤)، قال: «يقومُ أحدُهم في الرَّشح إلى أنصاف أذنيه».

وخرَّجا (٥) من حديث أبي هريرة عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «يَعْرَقُ النَّاسُ يومَ القيامةِ حتّى يذهب عرَقُهم في الأرض سبعين ذراعاً، ويُلجِمُهُم حتّى يبلغَ آذانهم» ولفظه للبخاري، ولفظ


(١) البخاري في " صحيحه " ٤/ ١٦٣ (٣٣٤٠) و ١٧٢ (٣٣٦١) و ٦/ ١٠٥ (٤٧١٢)، ومسلم في " صحيحه " ١/ ١٢٧ (١٩٤) (٣٢٧).
(٢) البخاري في " صحيحه " ٨/ ١٣٦ (٦٥٢٧)، ومسلم في " صحيحه " ٨/ ١٥٦ (٢٨٥٩) (٥٦).
(٣) البخاري في " صحيحه " ٦/ ٢٠٧ (٤٩٣٨) و ٨/ ١٣٨ (٦٥٣١)، ومسلم في " صحيحه " ٨/ ١٥٧ (٢٨٦٢) (٦٠).
(٤) المطففين: ٦.
(٥) صحيح البخاري ٨/ ١٣٨ (٦٥٣٢)، وصحيح مسلم ٨/ ١٥٨ (٢٨٦٣) (٦١).

<<  <   >  >>