للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسلم: «إنَّ العرق ليذهبُ في الأرض سبعين باعاً، وإنّه ليبلغ إلى أفواهِ النّاس، أو إلى آذانهم».

وخرَّج مسلم (١) من حديث المقداد، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «تدنُو الشَّمسُ مِنَ العباد حتَّى تكون قدرَ ميلٍ أو ميلين، فتصهرُهم الشَّمسُ، فيكونون في العَرَقِ كقدر أعمالهم، فمنهم مَنْ يأخذُه إلى عَقِبَيه، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حَقْويْهِ، ومنهم من يُلجمه إلجاماً».

وقال ابن مسعود: الأرضُ كلُّها يومَ القيامةِ نارٌ، والجنَّةُ من ورائها ترى أكوابها وكواعبها، فيعرَقُ الرَّجلُ حتَّى يرشَح عرقُه في الأرض قدرَ قامةٍ، ثمَّ يرتفعُ حتّى يبلغَ أنفه،

وما مسَّه الحسابُ، قال: فمم ذاك يا أبا عبد الرحمان؟ قال: ممَّا يرى النَّاس يُصنَعُ بهم (٢).

وقال أبو موسى: الشَّمسُ فوق رؤوسِ النَّاس يومَ القيامة، فأعمالهم تُظِلُّهم أو تضحِيهم (٣).

وفي " المسند " (٤) من حديث عُقبة بن عامرٍ مرفوعاً: «كلُّ امرئٍ في ظلِّ صدقته حتّى يُفصَلَ بينَ الناسَ».

قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ومن يسَّر على مُعسِرٍ، يسَّرَ الله عليه في الدُّنيا والآخرة». هذا أيضاً يدلُّ على أنَّ الإعسار قد يحصُل في الآخرة، وقد وصف الله يومَ القيامة بأنّه يومٌ عسير وأنّه على الكافرين غيرُ يسير، فدلَّ على أنَّه يسير على غيرهم، وقال:

{وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً} (٥).

والتيسير على المعسر في الدنيا من جهة المال يكون بأحد أمرين: إمّا بإنظاره إلى الميسرة، وذلك واجبٌ، كما قال تعالى: {وَإنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (٦)، وتارةً بالوضع عنه إن كان غريماً، وإلاّ فبإعطائه ما يزولُ به إعسارُه، وكلاهما له فضل عظيم.


(١) في " صحيحه " ٨/ ١٥٨ (٢٨٦٤) (٦٢).
(٢) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (١٥٨٤٠)، وطبعة التركي ١٣/ ٧٣٣.
(٣) أخرجه: هناد في " الزهد " (٣٣١) موقوفاً.
وذكره الدارقطني في " العلل " ٧/ ٢٤٨ س (١٣٢٥) مرفوعاً، وقال: «يرويه الأعمش، عن أبي ظبيان واختلف عنه فرفعه عبيد بن يعيش، عن أسباط، عن الأعمش، وقفَهُ أبو معاوية وأصحاب الأعمش، عن الأعمش، وهو الصواب».
(٤) أحمد ٤/ ١٤٧ - ١٤٨، وهو حديث صحيح.
(٥) الفرقان: ٢٦.
(٦) البقرة: ٢٨٠.

<<  <   >  >>