للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكره الإمام أحمد رفعَ الفسَّاق إلى السلطان بكلِّ حالٍ، وإنَّما كرهه؛ لأنَّهم غالباً لا يُقيمون الحدودَ على وجهها، ولهذا قال: إنْ علمتَ أنَّه يقيمُ عليه الحدَّ فارفعه، ثم ذكر أنَّهم ضربوا رجلاً، فمات: يعني لم يكن قتلُه جائزاً.

ولو تاب أحدٌ مِنَ الضَّرب الأوَّل، كان الأفضلُ له أن يتوبَ فيما بينه وبين الله تعالى، ويستر على نفسه.

وأما الضربُ الثاني، فقيل: إنَّه كذلك، وقيل: بل الأولى له أنْ يأتيَ الإمامَ، ويقرَّ على نفسه بما يُوجِبُ الحدَّ حتى يطهِّرَه.

قوله: «والله في عونِ العبد ما كان العبدُ في عون أخيه» وفي حديث ابن عمر: «ومن كان في حاجةِ أخيه، كان الله في حاجته». وقد سبق في

شرح الحديث الخامس والعشرين والسادس والعشرين فضلُ قضاءِ الحوائجِ والسَّعي فيها. وخرَّج الطبراني (١) من حديث عمر مرفوعاً: «أفضلُ الأعمال إدخالُ السُّرور على المؤمن: كسوت عورته، أو أشبعت جَوْعَتُه، أو قضيت له حاجة».

وبعث الحسنُ البصريُّ قوماً من أصحابه في قضاء حاجة لرجل وقال لهم: مرُّوا بثابت البناني، فخذوه معكم، فأتوا ثابتاً، فقال: أنا معتكف، فرجعوا إلى الحسن فأخبروه، فقال: قولوا له: يا أعمش أما تعلم أنَّ مشيك في حاجةِ أخيك المسلم خير لك مِنْ حجة بعد حَجَّةٍ؟ فرجعوا إلى ثابتٍ، فترك اعتكافه، وذهب معهم (٢).

وخرَّج الإمام أحمد (٣) من حديث ابنةٍ لخبَّاب بن الأرت (٤)، قالت: خرج خبَّاب في سريَّةٍ، فكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يتعاهدُنا حتى يحلُب عنْزةً لنا في جَفْنَةٍ لنا، فتمتلئ حتّى تفيضَ، فلمَّا قدم خبَّابٌ حلبَها، فعادَ حِلابها إلى ما كان.

وكان أبو بكر الصدِّيق - رضي الله عنه - يحلبُ للحيِّ أغنامهم، فلمَّا استخلف، قالت


(١) في " الأوسط " (٥٠٨١)، وإسناده ضعيف، انظر: مجمع الزوائد ٣/ ١٣٣.
(٢) انظر: فيض القدير للمناوي (٨٩٦١).
(٣) في " مسنده " ٥/ ١١١ و ٦/ ٣٧٢، وإسناده ضعيف.
(٤) هي زينب بنت خباب بن الأرت التميمية. الإصابة (١١٢٢٣).

<<  <   >  >>