للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال فرقد السَّبَخي: قرأتُ في بعض الكتب: من أحبَّ الله، لم يكن عنده شيءٌ آثَرَ من هواه، ومن أحبَّ الدُّنيا، لم يكن عنده شيءٌ آثر من هوى نفسه، والمحب لله تعالى أميرٌ مؤمَّر على الأمراء زمرته أول الزمر يومَ القيامة، ومجلسه أقربُ المجالس فيما هنالك، والمحبة منتهى القربة والاجتهاد، ولنْ يسأم المحبُّون من طول اجتهادهم لله - عز وجل - يُحبُّونه ويحبُّون ذكرَه ويحببونه إلى خلقه يمشون بين عباده بالنصائح، ويخافون عليهم من أعمالهم يوم تبدو الفضائحُ، أولئك أولياءُ الله وأحباؤه، وأهلُ صفوته، أولئك الذين لا راحةَ لهم دُونَ

لقائه.

وقال فتح الموصليُّ: المحبُّ لا يجد مع حبِّ الله - عز وجل - للدنيا لَذَّةً، ولا يغفل عن ذكر الله طرفة عينٍ.

وقال محمدُ بن النضر الحارثي: ما يكادُ يملُّ القربةَ إلى الله تعالى محبٌّ لله - عز وجل -، وما يكاد يسأمُ من ذلك.

وقال بعضهم: المحبُّ لله طائرُ القلب، كثيرُ الذكر، متسبب إلى رضوانه بكل سبيلٍ يقدر عليها من الوسائل والنوافل دَوباً دَوباً، وَشوقاً شوقاً، وأنشد بعضهم:

وكُنْ لِرَّبك ذا حُبٍّ لِتَخْدمه … إنَّ المحبين للأحبابِ خُدَّامُ

وأنشد آخر:

ما للمُحِبِّ سوى إرادةِ حُبِّه … إنَّ المحبَّ بكلِّ برٍّ يَضرَعُ

ومن أعظم ما يُتقرَّب به العبد إلى الله تعالى مِنَ النَّوافل: كثرة تلاوة القرآن، وسماعهُ بتفكُّر وتدبُّرٍ وتفهُّمٍ، قال خباب بن الأرت لرجل: تقرَّب إلى الله ما استطعتَ، واعلم أنَّك لن تتقرب إليه بشيءٍ هو أحبُّ إليه من كلامه (١).

وفي " الترمذي " (٢) عن أبي أُمامة مرفوعاً: «ما تقرَّب العبادُ إلى الله بمثل ما خرجَ منه» يعني


(١) أخرجه: الحاكم ٢/ ٤٤١ عن خَبّاب بن الأرت، به.
(٢) في جامعه (٢٩١١)، وهو حديث ضعيف وطرقه الأخرى كلها ضعيفة.
وأخرجه: الطبراني في " الكبير " (٧٦٥٧) عن أبي أُمامة، به. مرفوعاً.
وأخرجه: الترمذي (٢٩١٢) من طريق زيد بن أرطأة عن جُبير بن نُفير مرسلاً.
وأخرجه: الحاكم ١/ ٥٥٥ عن أبي ذَر الغفاري، به.

<<  <   >  >>