للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: «ولئن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه» (١)، وفي الرواية الأخرى: «إنْ دعاني أجبتُه، وإنْ سألني، أعطيته» (٢)، يعني أنَّ هذا المحبوبَ المقرَّب، له عند الله منْزلةٌ خاصة تقتضي أنَّه إذا سأل الله شيئاً، أعطاه إياه، وإنِ استعاذَ به من شيءٍ، أعاذه منه، وإن دعاه، أجابه، فيصير مجابَ الدعوة لكرامته على ربه - عز وجل -، وقد كان كثيرٌ مِنَ السَّلف الصَّالح معروفاً بإجابة الدعوة. وفي " الصحيح " (٣): أنَّ الرُّبيِّعَ بنتَ النَّضر كسِرَتْ ثَنِيَّة جارية، فعرضوا عليهم الأرش، فأبَوْا، فطلبوا منهمُ العفو، فأبوا، فقضى بينهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -

بالقصاصِ، فقال أنس بن النضر: أتكسر ثَنِيَّة الرُّبيع؟ والذي بعثك بالحقِّ لا تُكسر ثنيَّتُها، فرضي القومُ، وأخذوا الأرش، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ من عبادِ الله مَنْ لو أقسمَ على الله لأبرَّه».

وفي " صحيح الحاكم " (٤)

عن أنس، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «كَمْ من ضعيفٍ مُتَضعَّفٍ ذي طِمرين لو أقسم على الله لأبرَّه، منهم البراءُ بن مالك»، وأنَّ البراء لقي زحفاً من المشركين، فقال له المسلمون: أقسِمْ على ربِّك، فقال: أقسمتُ عليك يا ربِّ لما منحتنا أكتافَهُم، فمنحهم أكتافَهم، ثم التقوا مرّة أخرى، فقالوا: أَقسِمْ على ربِّك، فقال: أقسمتُ عليك يا ربِّ لما منحتنا أكتافهم، وألحقتني بنبيِّك - صلى الله عليه وسلم -، فمنحوا أكتافهم، وقُتِلَ البراء.

وروى ابن أبي الدنيا (٥) بإسنادٍ له أنَّ النعمان بن قوقل قال يومَ أحدٍ: اللهمَّ إنِّي أُقسم عليك أنْ أُقتل، فأدخل الجنَّة، فقُتِل، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ النعمان أقسم على الله فأبرَّه».


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) صحيح البخاري ٣/ ٢٤٣ (٢٧٠٣) و ٤/ ٢٣ (٢٨٠٦) و ٦/ ٢٩ (٤٥٠٠) و ٦٥
(٤٦١١).
(٤) الحاكم في " المستدرك " ٣/ ٢٩٢.

وأخرجه: الترمذي (٣٨٥٤)، وابن الأثير في " أُسد الغابة " ١/ ٢٠٦ عن أنس بن مالك، به، وقال الترمذي: «حسن غريب»، وفي أسانيد الحديث مقال.
(٥) في كتاب "مجابو الدعوة " (٢٢)، وإسناده ضعيف لضعف جَسْر بن الحسن اليمامي.

<<  <   >  >>