للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والإسلامُ: هو استسلامُ العبدِ للهِ، وخُضُوعُه، وانقيادهُ له، وذلك يكونُ بالعملِ، وهو الدِّينُ، كما سمَّى الله تعالى في كتابِه الإسلامَ ديناً (١)، وفي حديث جبريل سمَّى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الإسلامَ والإيمانَ والإحسان ديناً، وهذا أيضاً ممّا يدلُّ على أنَّ أحدَ الاسمين إذا أُفردَ دَخلَ فيه الآخرُ، وإنّما يفرَّقُ بينهما حيثُ قُرِنَ أحدُ الاسمين بالآخر، فيكونُ حينئذٍ المرادُ بالإيمانِ: جنسَ تصديقِ القلبِ، وبالإسلامِ جنسَ العمل (٢).

وفي " مسند الإمام أحمد " (٣) عَنْ أنسٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «الإسلامُ علانِيَةٌ، والإيمانُ في القلبِ». وهذا لأنّ الأعمالَ تظهرُ علانيةً، والتَّصديقُ في القلب لا يظهرُ.

وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ في دعائه إذا صلّى على الميِّت: «اللهُمَّ مَنْ أحييتَهُ منّا فأحيهِ على الإسلامِ، ومَن تَوفَّيتَهُ منّا فتوفَّه على الإيمان (٤)»؛

لأنَّ الأعمال بالجوارحِ إنَّما يُتَمكَّنُ منه (٥) في الحياةِ، فأمّا عندَ الموتِ فلا يبقى غيرُ التَّصديق بالقلبِ (٦).

ومن هُنا قال المحقِّقون مِنَ العُلماءِ: كلُّ مُؤمِنٍ مُسلمٌ، فإنَّ من حقَّق

الإيمان، ورسخ في قلبه، قام بأعمال الإسلام (٧)، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «ألا وإنَّ في

الجَسَدِ مُضغةً، إذا صَلحَتْ صَلَحَ الجسدُ كلُّه، وإذا فَسَدتْ فسدَ الجَسَدُ كلُّه، ألا وهي القَلبُ (٨)»،


(١) انظر: مختصر معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في علم التوحيد: ١٧٧.
(٢) انظر: مختصر معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في علم التوحيد: ١٧٦.
(٣) ٣/ ١٣٤.
وأخرجه: أبو عبيد في " الإيمان ": ٦، والبزار كما في " كشف الأستار " (٢٠)، وأبو يعلى (٢٩٢٣)، والعقيلي في " الضعفاء " ٣/ ٢٥٠، وابن حبان في " المجروحين " ٢/ ١٠٨، وابن عدي في " الكامل " ٦/ ٣٥٣، والخطيب في " الموضح " ٢/ ٢٤٩ من حديث أنس بن مالك، به، وإسناده ضعيف تفرد به عليُّ بن مَسْعَدة، وهو ضعيف عند التفرد.
(٤) أخرجه: أحمد ٢/ ٣٦٨، وأبو داود (٣٢٠١)، وابن ماجه (١٤٩٨)، والترمذي
(١٠٢٤)، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (١٠٨٠) و (١٠٨١)، وأبو يعلى

(٦٠٠٩) و (٦٠١٠)، وابن حبان (٣٠٧٠)، والحاكم ١/ ٣٥٨، والبيهقي ٤/ ٤١ من حديث أبي هريرة، به، وهذا الحديث معلول بالإرسال، وقد رجح الرواية المرسلة أبو حاتم وأبو زرعة كما في " العلل " لابن أبي حاتم (١٠٤٧) و (١٠٥٨) على أن الترمذي قال عن الحديث: «حسن صحيح».
وللحديث طرق أخرى.
(٥) في (ص): «وقته».
(٦) انظر: الإيمان لابن تيمية: ٢٠٧.
(٧) انظر: مجموعة الفتاوى ٧/ ٢٢٩.
(٨) سيأتي عند الحديث السادس.

<<  <   >  >>