للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فلا يتحقَّقُ القلبُ بالإيمان إلاَّ وتنبعِثُ الجوارحُ في

أعمالِ الإسلامِ، وليس كلُّ مسلمٍ مؤمناً، فإنَّه قد يكونُ الإيمانُ ضعيفاً، فلا يتحقَّقُ القلبُ به تحقُّقاً تامّاً مع عمل جوارِحِه بأعمال الإسلام، فيكون مسلماً، وليس بمؤمنٍ الإيمانَ التَّامَّ، كما قال تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} (١)، ولم يكونوا مُنافقينَ

بالكُلِّيةِ على أصحِّ التَّفسيرينِ، وهو قولُ ابنِ عبّاسٍ وغيره (٢)، بل كان إيمانُهم ضعيفاً، ويدلُّ عليه قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ

شَيْئاً} (٣)، يعني: لا ينقصُكم من أجورِها، فدلَّ على أنَّ معهم من الإيمانِ ما تُقبَلُ به أعمالُهم (٤).

وكذلك قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقاص لما قال له: لم (٥) تعطِ فلاناً وهو

مؤمن؟ فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أو مسلمٌ (٦)»

يُشيرُ إلى أنَّه لم يُحقِّق مقامَ الإيمانِ، وإنَّما هو في مقامِ الإسلامِ الظاهرِ، ولا ريبَ أنَّه متى ضَعُفَ الإيمانُ الباطنُ، لزمَ منه ضعفُ أعمالِ الجوارحِ


(١) الحجرات: ١٤.
(٢) قول ابن عباس أخرجه الطبري في " تفسيره " (٢٤٦١١). وانظر: زاد المسير ٧/ ٤٧٦ - ٤٧٧، وتفسير ابن كثير: ١٧٥٣، ط دار ابن حزم.
(٣) الحجرات: ١٤.
(٤) انظر: تفسير الطبري (٢٤٦١٥)، وتفسير البغوي ٤/ ٢٦٩، وزاد المسير ٧/ ٤٧٧.
(٥) زاد بعدها في (ص): «لا».
(٦) أخرجه: الطيالسي (١٩٨)، والحميدي (٦٨) و (٦٩)، وأحمد ١/ ١٧٦ و ١٨٢،
وعبد بن حميد (١٤٠)، والدورقي في " مسند سعد بن أبي وقاص " (١١)، والبخاري ١/ ١٣ (٢٧) و ٢/ ١٥٣ (١٤٧٨)، ومسلم ١/ ٩١ (١٥٠) (٢٣٦) و (٢٣٧) =
= و ٣/ ١٠٤ (١٥٠) (٢٣٦) و (٢٣٧) و ٣/ ١٠٤ (١٥٠) (١٣١)، وأبو داود (٤٦٨٣) و (٤٦٨٥)، والبزار (١٠٨٧) و (١٠٨٨)، والمروزي في " تعظيم قدر الصلاة "

(٥٦٠) و (٥٦١) و (٥٦٢)، والنسائي ٨/ ١٠٣ و ١٠٤ وفي " الكبرى "، له (١١٥١٧) و (١١٧٢٣) و (١١٧٢٤) وفي " تفسيره " (٥٣٧)، وأبو يعلى (٧٣٣) و (٧٧٨)، والطبري في " تفسيره " (٢٤٦٠٨)، والشاشي في " مسنده " (٨٩) و (٩١)، وابن حبان (١٦٣)، وابن منده في " الإيمان " (١٦١) و (١٦٢)، واللالكائي في " أصول الاعتقاد " (١٤٩٤) و (١٤٩٥)، وأبو نعيم في " الحلية " ٦/ ١٩١، والخطيب في " تاريخه " ٣/ ١١٩ من حديث سعد بن أبي وقاص، قال: أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجالاً ولم يعط رجلاً منهم شيئاً، فقال سعد: يا نبي الله، أعطيت فلاناً وفلاناً، ولم تعط فلاناً شيئاً، وهو مؤمن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أو مسلم» حتى أعادها سعدٌ ثلاثاً، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أو مسلم»، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأعطي رجالاً، وأدع من هو أحب إلي منهم، فلا أعطيه شيئاً، مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم». اللفظ لأحمد ١/ ١٧٦.

<<  <   >  >>