للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الظاهرةِ أيضاً، لكن اسم الإيمان يُنفى عمّن تركَ شيئاً مِنْ واجباتِه، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - (١): «لا يزني الزاني حينَ يزني وهو مؤمنٌ (٢)».

وقد اختلف أهلُ السُّنَّة: هل يُسمَّى مؤمناً ناقصَ الإيمانِ، أو يقال: ليس بمؤمنٍ، لكنَّهُ مسلمٌ، على قولين، وهما روايتانِ عنْ أحمدَ (٣).

وأمَّا اسمُ الإسلامِ، فلا ينتفي بانتفاءِ بعض واجباتِهِ، أو انتهاكِ بعضِ محرَّماته، وإنَّما يُنفى بالإتيانِ بما يُنافيه بالكُلِّيَّةِ، ولا يُعرَفُ في شيءٍ من السُّنَّةِ الصَّحيحةِ نفيُ الإسلامِ عمَّن تركَ شيئاً من واجباتِهِ، كما يُنفى الإيمانُ عمَّن تركَ شيئاً من واجباتِهِ، وإنْ كان قد وردَ إطلاقُ الكُفرِ على (٤) فعلِ بعض المحرَّماتِ، وإطلاقُ النِّفاقِ أيضاً.

واختلفَ العلماءُ: هل يُسمى مرتكبُ الكبائر كافراً كفراً أصغر أو منافقاً النِّفاق الأصغرَ، ولا أعلمُ أنَّ أحداً منهم أجاز إطلاق نفي اسمِ الإسلام عنه، إلاَّ أنَّه رُوي عن ابنِ مسعودٍ أنَّه قال: ما تاركُ الزَّكاةِ بمسلمٍ (٥)، ويُحتملُ أنَّه كان يراه كافراً بذلك، خارجاً من الإسلام.

وكذلك رُوي عن عمر فيمن تمكَّن مِنَ الحجِّ ولم يحجَّ أنَّهم ليسوا بمسلمين، والظَّاهرُ أنّه كان يعتقد كفرَهم، ولهذا أراد أنْ يضربَ عليهمُ الجزيةَ يقول: لم

يدخُلوا في الإسلامِ بعدُ، فهم مستمرُّون على كتابيتهم (٦).


(١) «- صلى الله عليه وسلم -» لم ترد في (ج).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) في رواية حنبل بن إسحاق قال: قلت لأبي عبد الله: إذا أصاب الرجل ذنباً من زنا أو سرقة يزايله إيمانه؟ قال: هو ناقص الإيمان فخلع منه كما يخلع الرجل من قميصه، فإذا تاب وراجع عاد إليه إيمانه.
وفي رواية له أيضاً قال: سمعت أبا عبد الله وسئل عن قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» قال: هكذا يروى الحديث ويروى عن أبي جعفر (أي: محمد بن علي بن =
= … الحسين) قال: «لا يزني الزاني … » قال يخرج: من الإيمان إلى الإسلام، فالإيمان مقصور في الإسلام فإذا زنى خرج من الإيمان إلى الإسلام. انظر: المسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل ١/ ١١٠.
(٤) زاد بعدها في (ص): «من».
(٥) أخرجه: ابن أبي شيبة (٩٨٢٨).
(٦) قال الحافظ ابن كثير في " تفسيره ": ٣٨٥ ط دار ابن حزم، روى سعيد بن منصور في
" سننه " عن الحسن البصري، قال: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لقد هممت أنْ أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار، فينظروا إلى كل من له جدة ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين. وعزاه السيوطي في " الدر المنثور " ٢/ ١٠٠ لسعيد بن منصور.
وروى أبو بكر الإسماعيلي كما في " تفسير ابن كثير ": ٣٨٥، ط دار ابن حزم، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة كما في " الدر المنثور " ٢/ ١٠١ عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، قال: من أطاق الحج ولم يحج، فسواءٌ عليه مات يهودياً، أو نصرانياً.

<<  <   >  >>