للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي " المسند " (١) و" صحيح الحاكم " (٢) عن أبي سعيدٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ما مِنْ مُسلمٍ يَدعو بدعوةٍ ليس له فيها إثمٌ أو قطيعةُ رحمٍ إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاثٍ: إما أنْ يُعجِّلَ له دعوته، وإما أنْ يدَّخرها له في الآخرة، وإما أنْ يكشِفَ عنه من السُّوءِ مثلها»، قالوا: إذاً نُكثر؟ قال: «الله أكثرُ».

وخرَّجه الطبراني (٣)، وعنده «أو يغفِرَ له بها ذنباً قد سَلَف» بدل قوله:

«أو يكشف عنه من السوء مثلها».

وخرَّج الترمذي (٤) من حديث عبادة مرفوعاً نحوَ حديث أبي سعيد أيضاً.

وبكلِّ حالٍ، فالإلحاحُ بالدعاء بالمغفرة مع رجاء الله تعالى موجبٌ للمغفرة، والله تعالى يقول: «أنا عندَ ظنِّ عبدي بي، فليظنَّ بي ما شاء» (٥) وفي رواية: «فلا تظنُّوا بالله إلا خيراً» (٦).

ويُروى من حديث سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعاً: «يأتي الله تعالى

بالمؤمن يومَ القيامة، فيُقرِّبُه حتى يجعلَه في حجابه من جميع الخلق، فيقول له: اقرأ صحيفتك، فيُعرِّفُه ذنباً ذنباً: أتعرفُ أتعرفُ؟ فيقول: نعمْ نعمْ، ثم يلتفتُ العبدُ يمنة ويسرة، فيقول الله تعالى: لا بأسَ عليك، يا عبدي أنت في ستري من جميع خلقي، ليس بيني وبينك اليومَ

أحدٌ يطَّلعُ على ذنوبك غيري، اذهب فقد غفرتُها لك بحرفٍ واحدٍ من جميع ما أتيتني به، قال: ما هو يا ربِّ؟ قال: كنت لا ترجو العفو من أحدٍ غيري» (٧).

فمن أعظم أسباب المغفرة أنَّ العبد إذا أذنب ذنباً لم يرج مغفرته من غير ربِّه، ويعلم أنه لا يغفر الذنوبَ ويأخذ بها غيرُه، وقد سبق ذكرُ ذلك في شرح حديث


(١) مسند الإمام أحمد ٣/ ١٨، وإسناده جيد.
(٢) ١/ ٤٩٣.
(٣) أخرجه: الطبراني في " الأوسط " كما في " مجمع الزوائد " ١٠/ ١٤٨.
(٤) في " جامعه " (٣٥٧٣)، وقال: «حسن صحيح غريب».
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) أخرجه: ابن المبارك في " الزهد " (٩٠٩)، وأحمد ٣/ ٤٩١، وابن حبان (٦٣٣).
(٧) أخرجه: الطبراني كما في " مجمع الزوائد " ٧/ ٣٧.

<<  <   >  >>