للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجعل ذلك من موانع الإجابة حتّى لا يقطع العبدُ رجاءه من إجابة دُعائه ولو طالت المدة، فإنَّه سبحانه يُحبُّ المُلحِّين في الدعاء (١).

وجاء في الآثار: إنَّ العبد إذا دعا ربَّه وهو يحبُّه، قال: يا جبريلُ، لا تَعْجَلْ بقضاءِ حاجة عبدي، فإنِّي أُحبُّ أن أسمعَ

صوتَه (٢)، وقال تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (٣) فما دام العبدُ يُلحُّ في الدُّعاء، ويَطمعُ في الإجابة من غير قطع الرّجاء، فهو قريبٌ من الإجابة، ومَنْ أَدمن قرعَ الباب، يُوشك أنْ يُفتح له، وفي " صحيح الحاكم " (٤) عن أنسٍ مرفوعاً: «لا تَعجزوا عن الدُّعاء، فإنَّه لن يَهلِكَ مع الدُّعاء أَحدٌ».

ومن أهمِّ ما يسألُ العبد ربَّه مغفرةُ ذنوبه، أو ما يستلزم ذلك كالنجاة من النار، ودخول الجنة، وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «حولَها نُدنْدِن» (٥) يعني: حول سؤال الجنة والنجاة من النار (٦). وقال أبو مسلم الخَولاني: ما عَرَضت لي دعوةٌ فذكرتُ النار إلا صرفتُها إلى الاستعاذة منها.

ومن رحمة الله تعالى بعبده أنَّ العبدَ يدعوه بحاجةٍ من الدنيا، فيصرفها عنه، ويعوِّضه خيراً منها، إما أنْ يَصرِفَ عنه بذلك سوءاً، أو أنْ يدَّخِرَها له في الآخرة، أو يَغفِر له بها ذنباً، كما في " المسند " (٧) و" الترمذى " (٨) من حديث جابر، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ما مِنْ أَحَدٍ يَدعُو بدُعاءٍ إلا آتاه الله ما سألَ أو كَفَّ عنه من السُّوء مثلَه ما لم

يدعُ بإثم أو قطيعة رحم».


(١) أخرجه: العقيلي في " الضعفاء " ٤/ ٤٥٢، وابن أبي حاتم في " العلل " ٢/ ١٩٩، وابن عدي في " الكامل " ٨/ ٥٠٠، والقضاعي في " مسند الشهاب " (١٠٦٩) عن عائشة مرفوعاً.

ونص الحديث: «إن الله - تبارك وتعالى - يحب الملحين في الدعاء»، وهو حديث باطل لا يصح.
(٢) أخرجه: الطبراني في " الأوسط " (٨٤٤٢) عن جابر بن عبد الله مرفوعاً.
(٣) الأعراف: ٥٦.
(٤) ١/ ٤٩٣ - ٤٩٤، وهو حديث ضعيف.
(٥) أخرجه: ابن ماجه (٩١٠) و (٣٨٤٧)، وابن حبان (٨٦٨) من حديث أبي هريرة، به، وهو حديث صحيح.
(٦) انظر: النهاية ٢/ ١٣٧.
(٧) مسند الإمام أحمد ٣/ ٣٦٠، وسنده فيه ضعف، ولعله يتقوى ببعض الشواهد.
(٨) (٣٣٨١).

<<  <   >  >>