للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاستغفر الله لكل زلةٍ مئة ألف مرّة، وصلَّى لكلِّ زلَّة ألف ركعة، ختم في كلِّ ركعة منها ختمة، قال: ومع ذلك، فإنّي غير آمن سطوة ربي أنْ يأخذني بها، وأنا على خطرٍ من قَبولِ التوبة.

ومن زاد اهتمامُه بذنوبه، فربما تعلَّق بأذيالِ من قَلَّت ذنوبُه، فالتمس منه

الاستغفار. وكان عمر يطلب من الصبيان الاستغفار، ويقول: إنَّكم لم تُذنبوا، وكان أبو هريرة يقول لغلمان الكُتّاب: قولوا اللهمَّ اغفر لأبي هُريرة، فيؤمن

على دعائهم.

قال بكرٌ المزني: لو كان رجلٌ يطوف على الأبواب كما يطوف المسكين يقول: استغفروا لي، لكان نوله أنْ يفعل.

ومن كَثُرت ذنوبه وسيئاته حتى فاتت العدَّ والإحصاء (١)، فليستغفر الله مما علم الله، فإنَّ الله قد علم كل شيءٍ وأحصاه، كما قال تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ} (٢)، وفي حديث شداد بن أوسٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أسأَلُكَ من خيرِ ما تَعلَمُ. وأعوذُ بكَ مِنْ شرِّ ما تعلمُ، وأستغفركُ لما تعلم، إنَّك أنت علاّمُ الغيوب» (٣). وفي هذا يقول بعضهم:

أستغفِرُ الله ممّا يَعلمُ الله … إنَّ الشَّقيَّ لَمَن لا يَرحَمُ الله

ما أحلمَ الله عمن لا يُراقبُه … كُلٌّ مُسيءٌ ولكن يَحلمُ الله

فاسْتَغفِرُ الله مما كان من زَللٍ … طُوبى لمن كَفَّ عما يَكرهُ الله

طُوبى لمَن حَسُنَت فيه سَريرتُه … طُوبى لمَن يَنتهي عمَّا نهى الله

السبب الثالث من أسباب المغفرة: التوحيدُ، وهو السببُ الأعظم، فمن فقده، فَقَدَ المغفرة، ومن جاء به، فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة، قال

تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٤) فمن جاء مع التوحيد بقُراب الأرض - وهو ملؤها أو ما يُقارب ملأها - خطايا، لقيه الله بقُرابها مغفرة، لكنَّ هذا مع


(١) سقطت من (ص).
(٢) المجادلة: ٦.
(٣) أخرجه: أحمد ٤/ ١٢٣ و ١٢٥، والترمذي (٣٤٠٧)، والنسائي ٣/ ٥٤ وفي " الكبرى "، له (١٠٦٤٨)، والحاكم ١/ ٥٠٨، وفي أسانيده مقال واختلاف.
(٤) النساء: ٤٨.

<<  <   >  >>