للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه عن معقل الجزري عن أبي الزبير، قال: سألت جابراً عن ثمن الكلب

والسِّنور، فقال: زجر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك (١). وهذا إنّما يُعرف عن ابن لهيعة عن أبي الزبير. وقد استنكر الإمامُ أحمد رواياتِ مَعْقِلٍ عن أبي الزبير، وقال: هي تشبه أحاديثَ ابنِ لهيعة، وقد تُتُبِّعِ ذلك، فوُجِدَ كما قاله أحمد رحمه الله.

وقد اختلف العلماءُ في بيع الكلب، فأكثرهم حرَّموه، منهم الأوزاعي، ومالك في المشهور عنه، والشافعي، وأحمد وإسحاق، وغيرهم (٢)، وقال أبو هريرة: هو سحت (٣)، وقال ابن سيرين: هو أخبثُ الكسب (٤).

وقال

عبدُ الرحمان بنُ أبي ليلى: ما أُبالي ثمن كلب أكلت أو ثمنَ خنْزير (٥). وهؤلاء لهم مآخذ:

أحدها: أنَّه إنّما نُهي عن بيعها لنجاستها (٦)، وهؤلاء التزموا تحريمَ بيع كلِّ نجسِ العين، وهذا قولُ الشافعي، وابن جرير، ووافقهم جماعةٌ من أصحابنا، كابنِ عقيل في " نظرياته " وغيره، والتزموا أنَّ البغلَ والحمارَ إنَّما نجيز بيعهما إذا لم نقل بنجاستهما، وهذا مخالفٌ للإجماع.

والثاني: أنَّ الكلبَ لم يُبح الانتفاعُ به واقتناؤه مطلقاً كالبغل والحمار، وإنَّما أُبيحَ اقتناؤُه لحاجاتٍ مخصوصةٍ، وذلك لا يُبيح بيعه كما لا تبيحُ الضرورةُ إلى الميتة والدم بَيعَهُما، وهذا مأخذُ طائفةٍ من أصحابنا وغيرهم.

والثالث: أنَّه إنَّما نُهي عن بيعه لخسَّته ومهانته، فإنَّه لا قيمةَ له إلاَّ عند ذوي الشُّحِّ والمهانَةِ، وهو متيسِّرُ الوجودِ، فنُهي عن أخذ ثمنِه ترغيباً في المواساة بما يفضل منه عن الحاجة، وهذا مأخذُ الحسن البصري وغيره من السَّلف، وكذا قال بعضُ أصحابنا في النَّهي عن بيع السِّنَّورِ.

ورخَّصت طائفةٌ في بيع ما يُباح اقتناؤُه مِنَ الكلاب، ككلب الصَّيد، وهو قولُ


(١) أخرجه: مسلم ٥/ ٣٥ (١٥٦٩) (٤٢) عن جابر بن عبد الله، به.
(٢) انظر: المغني ٤/ ٣٢٤ - ٣٢٥.
(٣) أخرجه: ابن أبي شيبة ٤/ ٣٤٧.
(٤) أخرجه: ابن أبي شيبة (٣٦٢٣١).
(٥) أخرجه: ابن أبي شيبة ٤/ ٣٤٨.
(٦) انظر: المغني ٤/ ٣٢٥.

<<  <   >  >>