للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرابع: إذا عاهد غدر، ولم يفِ بالعهد، وقد أمر الله بالوفاء بالعهد، فقال: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} (١)،

وقال: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} (٢)، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٣).

وفي " الصحيحين " (٤) عن ابن عمر، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لِكُلِّ غادرٍ لواءٌ يومَ القيامَةِ يُعرف به»، وفي رواية: «إنَّ الغادرَ يُنصبُ له لواءٌ يومَ القيامة، فيقال: ألا هذه غَدرةُ فلان» (٥)، وخرَّجاه (٦) أيضاً من حديث أنس بمعناه.

وخرَّج مسلم (٧) من حديث أبي سعيدٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لِكلِّ غادرٍ لواء عندَ استه يومَ القِيامة».

والغدرُ حرامٌ في كلِّ عهدٍ بين المسلم وغيره، ولو كان المعاهَدُ كافراً، ولهذا في حديث عبد الله بن عمرو، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَتلَ نفساً مُعاهداً بغير حقها لم يَرَحْ (٨) رائحةَ الجنة، وإنَّ ريحها ليوجَدُ من مسيرة أربعين عاماً» خرّجه البخاري (٩).

وقد أمر الله تعالى في كتابه بالوفاء بعهود المشركين إذا أقاموا على عهودهم ولم

ينقُضوا منها شيئاً.

وأما عهودُ المسلمين فيما بينهم، فالوفاء بها أشدُّ، ونقضُها أعظم إثماً.


(١) الإسراء: ٣٤.
(٢) النحل: ٩١.
(٣) آل عمران: ٧٧.
(٤) صحيح البخاري ٤/ ١٢٧ (٣١٨٨) و ٩/ ٣٢ (٦٩٦٦) و ٩/ ٧٢ (٧١١١)، وصحيح مسلم ٥/ ١٤٢ (١٧٣٥) (١١).
(٥) أخرجه: البخاري ٨/ ٥١ (٦١٧٧) و (٦١٧٨)، ومسلم ٥/ ١٤٢ (١٧٣٥) (١٠).
(٦) البخاري ٤/ ١٢٤ (٣١٨٦) و (٣١٨٧)، ومسلم ٥/ ١٤٢ (١٧٣٧) (١٤) من حديث أنس بن مالك، به.
(٧) في " صحيحه " ٥/ ١٤٢ (١٧٣٨) (١٥).
(٨) قال ابن حجر في " الفتح " عقيب (٣١٦٦): «يرح: بفتح الياء والراء، وأصله يراح أي وجد الريح، وحكى ابن التبن ضم أوله وكسر الراء، قال: والأول أجود، وعليه الأكثر، وحكى ابن الجوزي ثالثة وهو فتح أوله وكسر ثانيه من راح يريح».
(٩) في " صحيحه " ٤/ ١٢٠ (٣١٦٦) و ٩/ ١٦ (٦٩١٤).
ولفظ البخاري لم يذكر فيه «بغير حقها». …

<<  <   >  >>