للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الحديثُ أصل (١) في التوكُّل، وأنَّه من أعظم الأسباب التي يُستجلب بها الرزقُ، قال الله - عز وجل -: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (٢)، وقد قرأ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية على أبي ذرٍّ، وقال له: «لو أنَّ الناسَ كُلَّهم أخَذوا بها لَكَفتهم» (٣) يعني: لو أنهم حقَّقوا التَّقوى والتوكل؛ لاكتَفَوا بذلك في مصالح دينهم ودنياهم. وقد سبق الكلامُ على هذا المعنى في شرح حديثِ ابن عباس: «احفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ» (٤).

قال بعضُ السلف: بِحَسبِكَ من التوسل إليه أن يَعلَمَ من قلبك حُسنَ توكُّلك

عليه، فكم من عبدٍ من عباده قد فوَّضَ إليه أمره، فكفاه منه ما أهمّه (٥)، ثم قرأ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}، وحقيقة التوكّل: هو صدقُ اعتماد القلب على الله - عز وجل - في استجلاب المصالح، ودفعِ المضارِّ من أمور الدنيا والآخرة كُلِّها، وكِلَةُ الأمور كلّها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يُعطي ولا يمنعُ ولا يَضرُّ ولا ينفع سواه.

قال سعيدُ بنُ جبير: التوكل جِماع الإيمان (٦).

وقال وهب بن مُنبِّه: الغاية القصوى التوكل (٧).

قال الحسن: إنَّ توكلَ العبد على ربِّه أنْ يعلمَ أن الله هو ثقته (٨).

وفي حديث ابنِ عباس عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «مَنْ سرَّه أنْ يكونَ أقوى الناس،

فليتوكل على الله» (٩).


(١) سقطت من (ص).
(٢) الطلاق: ٢ - ٣.
(٣) أخرجه: أحمد ٥/ ١٧٨، وابن ماجه (٤٢٢٠)، والنسائي في " الكبرى " (١١٦٠٣)، وفي إسناده انقطاع.
(٤) سبق عند الحديث (١٩).
(٥) أخرجه: ابن أبي الدنيا في " التوكل " (٥).
(٦) أخرجه: ابن أبي شيبة (٢٩٥٨٩) و (٣٥٣٤٢)، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " ٤/ ٢٧٤.
(٧) أخرجه: ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ٦٦/ ٢٨٨.
(٨) أخرجه: ابن أبي الدنيا (١٨).
(٩) أخرجه: عبد بن حميد (٦٧٥)، والقضاعي في " مسند الشهاب " (٣٦٧)، وسنده ضعيف.

<<  <   >  >>