للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمضاف إليه وجر الفاعل أو نصبه فينبغي أن يرد لأنه جاء مخالفا للقياس والسماع جميعا.

وكذا إذا كان الرجل الذي سمعت منه تلك اللغة الخالفة مضعوفا في قوله مألوفا منه اللحن وفساد الكلام فإنه يرد عليه ولا يقبل منه.

وإن احتمل أن يكون مصيبا في ذلك لغة قديمة فالصواب رده وعدم الاحتفال بهذا الاحتمال ".

الحال الثالث: أن ينفرد به المتكلم ولا يسمع من غيره لا ما يوافقه ولا ما يخالفه.

قال ابن جني:

" والقول فيه أنه يجب قبوله إذا ثبت فصاحته لأنه إما أن يكون شيئا أخذه عمن نطق به بلغة قديمة لم يشارك في سماع ذلك منه على حد ما قلناه فيمن خالف الجماعة وهو فصيح أو شيئا ارتجله فإن الأعرابي إذا قويت فصاحته وسمت طبيعته تصرف وارتجل ما لم يسبق إليه فقد حكي عن رؤبة وأبيه أنهم كانا يرتجلان ألفاظا لم يسمعاها ولا سبقا إليها.

أما لو جاء عن متهم أو من لم ترق به فصاحته ولا سبقت إلى الأنفس ثقته فإنه يرد ولا يقبل فإن ورد عن بعضهم شيئ يدفعه كلام العرب ويأباه القياس على كلامها فإنه لا يقنع في قبوله أن يسمع من الواحد ولا من العدة القليلة إلا أن يكثر من ينطق به منهم فإن كثر قائلوه إلا أنه مع هذا ضعيف الوجه في القياس فمجازه وجهان: أحدهما أن يكون من نطق به لم يحكم قياسه.

والآخر: أن تكون أنت قصرت عن استدراك وجه صحته.

ويحتمل بأن يكون سمعه من غيره ممن ليس فصيحا وكثر استماعه له فسرى في كلامه إلا أن ذلك قلما يقع فإن الأعرابي الفصيح إذا عدل به عن لغته الفصيحة إلى أخرى سقيمة عدل عنها ولم يعبأ بها.

فالأقوى أن يقبل ممن شهرت فصاحته ما يورده ويحمل أمره على ما عرف من حاله لا على ما عسى أن يحتمل كما أن على القاضي قبول شهادة من ظهرت عدالته وإن كان يجوز كذبه في الباطن إذ لو لم يؤخذ بذلك لأدى إلى ترك الفصيح بالشك وسقوط كل اللغات.

<<  <   >  >>