كما روي أن قوما من العرب أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أنتم؟
فقالوا نحن بنوا غيان.
فقال: بل أنتم بنو رشدان
قال ابن جني: فهل هذا إلا كقول أهل الصناعة إن الألف والنون زائدتان وإن كان صلى الله عليه وسلم لم يتفوه بذلك غير أن اشتقاقه إياه من الغي بمنزلة قولنا نحن: إن الألف والنون زائدتان "
ومن ذلك أيضا ما حكاه غير واحد: أن الفرزدق حضر مجلس ابن أبي إسحاق فقال له كيف تنشد هذا البيت:
وعينان قال الله كونا فكانتا فعولان بالألباب ما تفعل الخمر
فقال الفرزدق:
كذا أنشد فقال ابن أبي إسحاق: ما كان عليك لو قلت فعولين؟
فقال الفرزدق: لو شئت أن أسبح لسبحت ونهض فلم يعرف أحد في المجلس ما أراد
قال ابن جني:" أي لو نصب لأخبر أن الله خلقهما وأمرهما أن تفعلا ذلك وإنما أراد: هما تفعلان وكان هنا تامة غير محتاجة إلى خبر فكانه قال: وعينان قال الله: احدثا فحدثتا " انتهى
فهذا من الفرزدق إيماء إلى العلة
[الرابع: السبر والتقسيم]
بأن يذكر جميع الوجوه المحتملة ثم يسبرها أي يختبرها فيبقى ما يصلح وينفي ما عداه بطريقه