اختلفوا في إثبات الحكم في محل النص: بماذا ثبت بالنص أم بالعلة؟
فقال الأكثرون: بالعلة لابالنص لأنه لو كان ثابتا به لا بها لأدى إلى إبطال الإلحاق وسد باب القياس لأن القياس حمل فرع على أصل بعلة جامعة فإذا فقدت العلة الجامعة بطل القياس وكان الفرع مقتبسا من غير أصل وذلك محال ألا ترى أنا لو قلنا: إن الرفع والنصب في نحو ضرب زيد عمرا بالنص لا بالعلة لبطل الإلحاق بالفاعل والمفعول والقياس عليهما وذلك لا يجوز.
وقال بعضهم يثبت في محل النص بالنص وفيما عداه بالعلة وذلك نحو النصوص المنفولة عن العرب المقيس عليها بالعلة الجامعة في جميع أبواب العربية.
واستدل لذلك بأن النص مقطوع به والعلة مظنونة وإحالة الحكم على المقطوع له أولى من إحالته على المظنون.
ولا يجوز أن يكون الحكم ثابتا بالنص والعلة معا لأنه يؤدي إلى أن يكون الحكم مقطوعا به مظنونا في حال واحدة محال.
وأجيب عن هذا الاستدلال بأن الحكم إ نما يثبت بطريق مقطوع به وهو النص ولكن العلة هي التي دعت إلى إثبات الحكم فنحن نقطع على الحكم بكلام العرب ونظن أن العلة هي التي دعت الواضع إلى الحكم فالظن لم يرجع إلى ما يرجع إليه القطع بل هما متغايران فلا منافاة ".