للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والطب بعضه مستفاد من التجربة، وبعضه من علوم أخر، والهيئة بعضها منعلم التقدير، وبعضها تجربة يشهد بها الرصد، والموسيقى جلها منتزع من علم الحساب، والنحو بعضه مسموع مأخوذ من العرب، وبعضه مستنبط بالفكر والروية، وهو التعليلات، وبعضه يؤخذ من صناعة أخرى.

كقولهم: الحرف الذي تختلس حركته هو في حكم المتحرك لا الساكن، فإنه مأخوذ من علم العروض.

وكقولهم: الحركات أنواع: صاعد عال، ومنحدر سافل ومتوسط بينهما، فإنه مأخوذ من صناعة الموسيقى) انتهى.

وقال ابن الأنباري في (أصوله)

اعلم أن إنكار القياس في النحو لا يتحقق؛ لأن النحو كله قياس، ولهذا قيل في حده: النحو علم بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب، فمن أنكر القياس فقد أنكر النحو، ولا يعلم أحد من العلماء أنكره؛ لثبوته بالدلالة القاطعة، وذلك أنا أجمعنا على أنه إذا قال العربي: كتب زيد فإنه يجوز أن يسند هذا الفعل إلى كل اسم مسمى تصح منه الكتابة نحو عمرو وبشر وأزدشير إلى ما لا يدخل تحت الحصر، وإثبات ما لا يدخل تحت الحصر بطريق النقل محال.

وكذلك القول في سائر العوامل الداخلة على الأسماء والأفعال الرافعة والناصبة والجارة والجازمة؛ فإنه يجوز إدخال كل منها على ما لا يدخل تحت الحصرن وذلك بالنقل متعذر، فلو لم يجز القياس واقتصر على ما ورد في النقل من الاستعمال لبقي كثير من المعاني لا يمكن التعبير عنها لعدم النقلن وذلك مناف لحكمة الوضع، فوجب أن يوضع وضعا قياسيا عقليا لا نقليا، بخلاف اللغة، فإنها وضعت وضعا نقليا لا عقليا، فلا يجوز القياس فيها، بل يقتصر على ما ورد به النقل، ألا ترى أن (القارورة) سميت بذلك لاستقرار الشيء فيها، ولا يسمى كل مستقر فيه قارورة، وكذلك سميت (الدار) دارا لاستدارتها ولا يسمى كل مستدير دارا) انتهى.

<<  <   >  >>