للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أبو نعيم عن مالك بن دينار أنه قال: قرأت في الحكمة: إن الله يبغض كل حبر سمين، وعبارة الإحياء للغزالي وفي التوراة مكتوب: إن الله ليبغض الحبر السمين، وفي الكشاف والبغوي وغيرهما في قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: ٩١] أن مالك بن الصيف من أحبار اليهود ورؤسائهم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى هل تجد فيها: إن الله يبغض الحبر السمين وكان حبرًا سمينًا فغضب" وقال: ما أنزل الله على بشر من شيء، أخرجه الواحدي في أسباب النزول، وكذا الطبراني عن سعيد بن جبير مرسلًا، وعزاه القرطبي أيضا للحسن البصري.

وروى أبو نعيم في الطب النبوي من طريق بشر الأعور قال: قال عمر بن الخطاب: إياكم والبطنة في الطعام والشراب؛ فإنها مفسدة للجسد, مورثة للفشل, مكسلة عن الصلاة, وعليكم بالقصد فيهما؛ فإنه أصلح للجسد, وأبعد عن السرف, وإن الله ليبغض الحبر السمين.

ونقل الغزالي عن ابن مسعود أنه قال: إن الله يبغض القاري السمين، بل عزاه أبو الليث السمرقندي في بستانه لأبي أمامة الباهلي مرفوعًا، وقال في المقاصد: ما علمته في المرفوع.

نعم, روى أحمد والحاكم والبيهقي في الشعب بسند جيد عن جعدة الجشمي أنه -صلى الله عليه وسلم- نظر إلى رجل سمين, فأومأ إلى بطنه وقال: "لو كان هذا في غير هذا لكان خيرًا لك"، ثم قال: وقد أفردت لهذا الحديث جزءًا فيه نفائس.

وذكر البيهقي في مناقب الشافعي -رضي الله عنه- أنه قال: ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن، فقيل له: لم؟ فقال: لأنه لا يعدو العاقل إحدى حالتين: إما أن يهتم لآخرته ومعاده أو لدنياه ومعاشه والشحم مع الهم لا ينعقد، فإذا خلا من المعنيين صار في حد البهائم فينعقد الشحم، ثم قال الشافعي رضي الله عنه: كان ملك في الزمان الأول مثقلًا كثير اللحم لا ينتفع بنفسه, فجمع المتطببين وقال: احتالوا لي حيلة تخفف عني لحمي هذا قليلًا, فما قدروا له على صفة قال: فنعت له رجل عاقل أديب متطبب، فبعث إليه فأشخص، فقال: تعالجني ولك الغنى فقال: أصلح الله الملك, أنا رجل متطبب منجم، دعني أنظر الليلة في طالعك أي دواء يوافق طالعك فأسقيك، فغدا عليه فقال: أيها الملك الأمان، قال: لك الأمان، قال: قد رأيت طالعك يدل على أن عمرك شهر, فإن أحببت حتى أعالجك, وإن أردت بيان ذلك فاحبسني عندك, فإن كان لقولي حقيقة فخَلِّ عني وإلا فاقتص علي قال: فحبسه ثم رفع الملك الملاهي واحتجب

<<  <  ج: ص:  >  >>