للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتعقب بأنه لا أصل له من حديث حذيفة؛ وإن زعم إمام الحرمين في النهاية أنه صحيح؛ فقد تعقبه ابن الصلاح، وقال: لم أجده في شيء من الكتب المعتمدة. انتهى.

وقال النجم: لم يرد بهذا اللفظ، وعند ابن سعد والطبراني عن خباب بن الأرت: "أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي؛ قال: "فإن أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل". انتهى.

ثم قال النجم: ومراد ابن الصلاح بقوله: لم أجده في شيء من الكتب المعتمدة؛ أي: بهذا اللفظ؛ وإلا فقد صحح الحاكم عن حذيفة: "أنه قيل له: ما تأمرنا إذا اقتتل المصلون؟ قال: آمرك أن تبصر أقصى بيت في دارك فتلج فيه؛ فإن دخل عليك، فتقول تعال بؤ بإثمي وإثمك فتكون كابن آدم"، وقال قبل ذلك في "كن خير ابني آدم": "كن المقتول ولا تكن القاتل"؛ لم يرد بهذا اللفظ؛ ولكن روى ابن أبي شيبة عن ابن عمر: "أيعجز أحدكم إذا أتاه الرجل يقتله هكذا، وقال بإحدى يديه على الأخرى؛ فيكون كالخير من ابني آدم وإذا هو في الجنة وإذا قاتله في النار". ورواه البيهقي عن أبي موسى بلفظ: "اكسروا قسيكم -يعني في الفتنة- واقطعوا أوتاركم والزموا أجواف البيوت وكونوا فيها كالخير من ابني آدم". انتهى. وفي الباب غير ذلك.

٢٠٢٣- "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وعد نفسك في أهل القبور" ١.

رواه البيهقي في الشعب والعسكري عن ابن عمر مرفوعًا، وأخرج البخاري عنه في صحيحه شطره إلى قوله: "أو عابر سبيل". وزاد أحمد والنسائي أوله: "أعبد الله كأنك تراه". وأخرجه البخاري عن مجاهد، ورواه الترمذي وآخرون، وزاد العسكري: "إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحتك لسقمك، ومن حياتك لموتك؛ فإنك لا تدري ما اسمك غدًا". وقال النجم: وفي معناه ما عند الحسن بن سفيان وأبي نعيم، عن الحكم بن عمير: "كونوا في الدنيا أضيافًا، واتخذوا المساجد بيوتًا، وعودوا قلوبكم الرقة، وأكثروا من التفكير والبكاء، ولا تختلفن بكم الأهواء؛ تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون".


١ صحبح: رقم "٤٥٧٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>