للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإما أن تكون أنت واجد الشيء من الأشياء الواردة الغير المدفوعة.

ولا قصور في شيء من هذه الأحوال التي هي في المورد الثلاثة المذكورة إلا في الحالة الأولى فإن القصور فيها محتمل كما تقدم. وإذا كانت ناشئة من القصور وظهر لك أن الحالة الأولى منشؤها قصور ذهنك عن دركه فلا تفتر جدك وجهدك في النظر والمطالعة بل استمر واثبت على ذلك فإن الممارسة لشيء والملازمة له تورث الكمال في ذلك الشيء. فإذا فرغت عن النظر في المبحث الأول بالطريقة المهدية إليها الهادية إلى الحق فانظر في المبحث الثاني من أوله إلى آخره على الوجه الذي أريناك فإن ظهر عليك أن القصور في نفسك باق بعد بأن لم تجد مدعاه أو شيئا من القوادح فلا تفتر جدك وجهدك في النظر والمطالعة بل أثبت فانظر في المبحث الثالث على ذلك الوجه وهكذا إلى أن يتم الكتاب فإن حصل لك الكمال فذلك وإلا فإعادته إلى كتاب آخر فآخر إلى أن يحصل لكل الكمال. وعد نفسك محلا قابلا لفيضان الكمالات عليها ولا تيأس من فضل الله فإنك أيها العاقل لست من الذين قد محاهم المخاطبون عن دفاترهم وفضل الله على الخلق أوسع من خواطرهم. وإذا وقع جدك وجهدك في المطالعة على هذا النهج والطريق المذكور سنة أو أكثر إلى سنتين لا أظنك أن لا تترقى بل أجزم أن تترقى في المطالعة إلى وجه تقدر على تمييز المقبول من الأحكام عن المردود منها فإذا صرت مقتدرا كامل القدرة على ذلك الطريق بحيث لا يحوم حولك قصور ولا خطأ ولا فتور فارتق إلى حيث خلقت نوعا أو شخصا له من المراتب العالية من الكمالات النفسية التي هي معرفة الله تعالى ذاتا وصفة حيث قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أي ليعرفون كما فسر بعضهم.

قف: اعلم أن الشارح والمحشي إذا زاد على الأصل شيئا فالزائد لا يخلو إما أن يكون بحثا أو اعتراضا أو تفصيلا لما أجمله أو تكميلا لما نقصه وأهمله والتكميل إن كان مأخوذا من كلام سابق أو لاحق فإبراز وإلا فاعتراض فعلى الأولين إما تفسير لما أبهمه فإن كان بكلمة أي أو بالبيان أو بالعطف فتفسير باللفظ وإن كان بكلمة يعني أو ما يرادفه فتفسير بالمعنى الظاهر

وصيغ الاعتراض مشهورة ولبعضها محل يشارك فيه الآخر فيرد وما اشتق منه لما لا مدفع له بزعم المعترض ويتوجه والمشتق منه أعم منه ونحو إن قلت مما هو بصيغة المعلوم شرطا لما تحقق له الجواب مع قوة في البحث ونحو إن قيل له مع ضعف فيه وقد يقال ونحوه لما فيه ضعف شديد ونحوه لقائل لما فيه ضعف ضعيف وفيه بحث ونحوه لما فيه قوة سواء تحقق الجواب أولا وصيغة المجهول ماضيا كان أو مضارعا ولا يبعد ويمكن كلها صيغ التمريض يدل على ضعف مدخولها بحثا كان أو جوابا وأقول وقلت لما هو خاصة القائل وقد اشتهر من الأستاذين أن لا يبعد أن شرح الكافية للشيخ الأجل الكامل في الكل الشيخ عبد الرحمن الجامي١ قدس سره من خواصه. وكذا قد يقالات شرح المواقف للسيد٢ سند


١ هو بدر الدين عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد الجامي، مفسر، له مشاركة في العربية، ألف كتباً كثيرة منها شرح الكافية لابن الحاجب وسمي شرحه "الفوائد الضيائية" ٨١٧-٨٩٨هـ = ١٤١٤-١٤٩٢م.
٢ هو السيد الشريف الجرجاني، سبقت ترجمته في ص٢٣، وكتاب المواقف الذي شرحه السيد الجرجاني في علم الكلام هو لعضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي المتوفى سنة ٧٥٦هـ.

<<  <   >  >>