للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمراد بالعقل الذات المجردة ومطلق المدرك وبالصورة ما يعم الخارجية والذهنية أي ما يتميز به الشيء مطلقا وبالحصول الثبوت والحضور سواء كان بنفسه أو بمثاله وبالمغايرة المستفادة من الظرفية أعم من الذاتية والاعتبارية وبقي معنى عندكما اختاره المحقق الدواني١ ولا يخفى ما فيه من التكلفات البعيدة عن الفهم وإن جعل التعريف للحصولي كان التعريف على ظاهره.

والمراد بالعقل قوة للنفس تدرك الغائبات بنفسها والمحسوسات بالوسائط. وبصورة الشيء ما يكون آلة لامتيازه سواء كان نفس ماهية الشيء أو شبحا له والظرفية على الحقيقة.

اعلم أن القائلين بأن العلم هو الصورة فرقتان:

فرقة تدعي وتزعم أن الصور العقلية مثل وأشباح للأمور المعلومة بها مخافة لها بالماهية. وعلى قول هؤلاء لا يكون للأشياء وجود ذهني بحسب الحقيقة بل بحسب المجاز. كأن يقال مثلا النار موجودة في الذهن ويراد به يوجد فيه شبح له نسبة مخصوصة إلى ماهية النار بسببها كان ذلك الشبح علما بالنار لا بغيرها من الماهيات ويكون العلم من مقولة الكيف ويصير العلم والمعلوم متغايرين ذاتا واعتبارا.

وفرقة تدعي أن تلك الصورة مساوية في الماهية للأمور المعلومة بها بل الصور هي ماهيات المعلومات من حيث إنها حاصلة في النفس فيكون العلم والمعلوم متحدين بالذات مختلفين بالاعتبار. وعلى قول هؤلاء يكون للأشياء وجودان خارجي وذهني بحسب الحقيقة والتعريف الثاني للعلم مبني على هذا المذهب. وعلى هذا قال الشيخ: الإدراك الحقيقة المتمثلة عند المدرك.

الثاني: إلى أن العلم الحادث إما تصور أو تصديق.

والعلم القديم: لا يكون تصورا ولا تصديقا.

الثالث: إلى أن الأشياء المدركة أي المعلومة تنقسم إلى ما لا يكون خارجا عن ذات المدرك أي العالم وإلى ما يكون.

أما في الأول: فالحقيقة الحاصلة عند المدرك هي نفس حقيقتها.

وأما في الثاني: فهي تكون غير الحقيقة الموجودة في الخارج بل هي إما صورة منتزعة من الخارج إن كان الإدراك مستفادا من خارج كما في العلم الانفعالي أو صورة حصلت عند المدرك ابتداء سواء كانت الخارجية مستفادة منها كما في العلم الفعلي أو لم تكن.

وعلى التقديرين فإدراك الحقيقة الخارجية بحصول تلك الصورة الذهنية عند المدرك والاحتياج إلى الانتزاع إنما هو في المدرك المادي لا غير كذا في شرح الإشارات وفي شرح الطوالع: الشيء المدرك إما نفس المدرك أو غيره. وغيره إما خارج عنه أو غير خارج عنه. والخارج عنه إما مادي أو غير مادي.

فهذه أربعة أقسام الأول: ما هو نفس المدرك.

والثاني: ما هو غيره لكنه غير خارج عنه.

والثالث: ما هو خارج عنه لكنه مادي.


١ هو محمد بن أسعد الصديقي الداوني، جلال الدين، قاض، باحث يعد من الفلاسفة، سكن شيراز وولي قضاء فارس وتوفي بها سنة ٩١٨هـ = ١٥١٢م.

<<  <   >  >>