والرابع: ما هو خارج عنه لكنه غير مادي. والأولان منها إدراكهما بحصول نفس الحقيقة عند المدرك فيكون إدراكهما حضوريا والأول بدون الحلول والثاني بالحلول والآخران لا يكون إدراكهما بحصول نفس الحقيقة الخارجية بل بحصول مثال الحقيقة سواء كان الإدراك مستفادا من الخارجية أو الخارجية مستفادة من الإدراك.
والثالث إدراكه بحصول صورة منتزعة عن المادة مجردة عنها. والرابع لم يفتقر إلى الانتزاع.
الرابع: إلى واجب أي ممتنع الانفكاك عن العالم كعلمه بذاته وممكن كسائر العلوم.
الخامس: إلى فعلي ويسمى كليا قبل الكثرة وهو ما يكون سببا لوجود المعلوم في الخارج كما نتصور السرير مثلا ثم نوجده. وانفعالي ويسمى كليا بعد الكثرة وهو ما يكون مسببا عن وجود العالم بأن يكون مستفادا من الوجود الخارجي كما نجد أمرا في الخارج كالسماء والأرض ثم نتصوره فالفعلي ثابت قبل الكثرة والانفعالي بعدها. فالعلم الفعلي كلي يتفرع عليه الكثرة وهي الأفراد الخارجية. والعلم الانفعالي كلي يتفرع على الكثرة. وقد يقال إن لنا كليا مع الكثرة لكنه من قبيل العلم ومبني على وجود الطبائع الكلية في ضمن الجزئيات الخارجية.
قال الحكماء: علم الله سبحانه بمصنوعاته فعلي لأنه السبب لوجود الممكنات في الخارج لكن كون علمه تعالى سببا لوجودها لا يتوقف على الآلات بخلاف علمنا بأفعالنا ولذلك يتخلف صدور معلومنا عن علمنا. وقالوا: إن علمه تعالى بأحوال الممكنات على أبلغ النظام وأحسن الوجوه بالقياس إلى الكل من حيث هو كل هو الذي استند عليه وجودها على هذا الوجه دون سائر الوجوه الممكنة وهذا العلم يسمى عندهم بالعناية الأزلية.
وأما علمه تعالى بذاته فليس فعليا ولا انفعاليا أيضا بل هو عين ذاته بالذات وإن كان مغايرا له بالاعتبار.
السادس: إلى ما يعلم بالفعل وهو ظاهر وما يعلم بالقوة كما إذا في يد زيد اثنان فسئلنا أزوج هو أم فرد؟ قلنا: نعلم إن كل اثنين زوج وهذا اثنان فنعلم أنه زوج علما بالقوة القريبة من الفعل وإن لم نكن نعلم أنه بعينه زوج. وكذلك جميع الجزئيات المندرجة تحت الكليات فإنها معلومة بالقوة قبل أن يتنبه للاندراج. فالنتيجة حاصلة في كبرى القياس هكذا قال بعض المتكلمين.
السابع: إلى تفصيلي وإجمالي والتفصيلي كمن ينظر إلى أجزاء المعلوم ومراتبه بحسب أجزائه بأن يلاحظها واحدا بعد واحد والإجمالي كمن يعلم مسألة فيسأل عنها فإنه يحضر الجواب الذي هو تلك المسألة بأسرها في ذهنه دفعة واحدة وهو أي ذلك الشخص المسئول متصور للجواب لأنه عالم بأنه قادر عليه ثم يأخذ في تقرير الجواب فيلاحظ تفصيله ففي ذهنه أمر بسيط هو مبدأ التفاصيل والتفرقة بين الحالة الحاصلة دفعة عقيب السؤال وبين حالة الجهل الثابتة قبل السؤال وملاحظة التفصيل ضرورية وحدانية إذ في حالة الجهل المسماة عقلا بالفعل ليس إدراك الجواب حاصلا بالفعل بل النفس في تلك الحالة تقوى على استحضاره بلا تجشم كسب جديد فهناك قوة محضة وفي الحالة الحاصلة عقيب السؤال قد حصل بالفعل شعور وعلم ما بالجواب لم يكن حاصلا قبله. وفي الحالة التفصيلية صارت الأجزاء