انظر مؤلفات شيخ الإسلام: ابن تيمية الحراني وتلميذه: الإمام الرباني الحافظ: ابن القيم كإغاثة اللهفان عن مكائد الشيطان وغيره ومؤلفات السيد: ابن الوزير والعلامة: محمد بن إسماعيل الأمير اليماني وتصانيف قاضي القضاة المجتهد المطلق: محمد بن علي الشوكاني وأمثال هؤلاء واعتن بها اعتناء لا يفتر طبعك منها واشدد يديك عليها شدا بالغا مبلغ النهاية تفز بسعادة الدارين وخيري الكونين إن شاء الله تعالى.
وسيتضح عليك عند مطالعتها: أن أي علم أحق بالتحصيل والاكتساب وأشدها دخلا في الإنقاذ من المهلكات في الدنيا والآخرة وإن لم ينصرك الدهر على الاطلاع عليها فاجهد في تحصيل مختصرات هؤلاء البررة الخيرة كأدب الطلب والقول المفيد وإرشاد النقاد ونحوها فإن قصرت يدك عن هذه أيضا فارجع إلى الملخصات التي لخصناها من مؤلفات تلك العصابة الكرام وألفناها في تدوين هذا المرام وقد طبع أكثرها في هذه الأيام وانتشرت في الآفاق من العرب والعجم فإنها تشتمل على فوائد نفيسة وحقائق صحيحة وعوائد نافعة ومقاصد صالحة وحقوق ثابتة بالكتاب والسنة وهي تكفي المقلد وتغني المجتهد وتشفي العليل وتروي الغليل وتسلي الفؤاد وتوصل المريد إلى المراد ويالله العجب من قوم بسطوا القول في بيان علوم الفرض والكفاية والمحمودة منها والمذمومة وجاؤوا في تبيينها بزبالة أفكارهم ونخالة أذهانهم من غير حجة نيرة وصعدوا في تعيينها تارة إلى السماء ونزلوا أخرى إلى الأرض ولم يرفعوا رؤوسهم إلى ما جاء عن سيد العلماء وسند الفضلاء - صلى الله عليه وآله وسلم - في ذلك ولم يمعنوا أنظارهم فيه وهو: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "العلم ثلاثة: آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة وما كان سوى ذلك فهو فضل". رواه أبو داود وابن ماجة عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - واللام: في قوله - صلى الله عليه وسلم - العلم قيل: للعهد أي: علم الدين وقيل: للاستغراق كما في قوله - تعالى -: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} وهو الراجح والمراد بالآية: الكتاب العزيز وبالسنة: علم الحديث الشريف وبالفريضة: علم الميراث وهو: جزء من علم الكتاب والسنة وما سوى هذين الأصلين: فضل أي: زائد لا ضرورة فيه كائنا ما كان ولا سيما العلوم التي جاءت من كفرة اليونان وليست مبنية على أساس شرعي ولا على عرفان بل حدثت هي في الإسلام بعد انقراض القرون الثلاثة المشهود لها بالخير فإنها ليس فيها من الخير شيء بل كلها كما قيل: علم لا ينفع وجهل لا يضر ومن تمسك: بأذيال الكتاب الإلهي والحديث النبوي فقد استغنى عن جميع العلوم والفنون وكل الصيد في جوف الفرا ومن لم يستغن بما جاء عن الله - تعالى - ورسوله ولم يره كافيا وافيا لأمور الدنيا والآخرة فلا أغناه الله ولا حياه والمعرض عن هذين العلمين الكريمين والأصلين الشريفين الجامعين للعلوم النافعة في المعاش والمعاد إلى الخوض في الفنون الأجنبية والاشتغال بها ليلا ونهارا والاستغراق فيها بأوقاته كلها: ليس أهلا للتخاطب ولا محلا للالتفات ولا موفقا للخير ولا موقعا للنجاة وفي حديث معاوية - رضي الله عنه - قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الأغلوطات. رواه أبو داود وهذه الفنون غالبها من هذا القبيل ونهى أيضا عن النظر في الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء - عليهم السلام - من قبله فكيف بالنظر في هذه الجهالات والخرافات التي سموها: علوما وفنونا وجعلوها من مواسم الفضيلة وربطوا بها كمال الشخص وحصروه في اكتسابها الذي لا ينبغي التعبير عنه إلا بإضاعة الأوقات وإهلاك النفس الناطقة بإلقائها في الموبقات - أعاذنا الله وإخواننا المسلمين المتبعين عما يكره ولا يرضاه وصاننا وإياهم عما يضر في دين الإله إنه قريب مجيب وبالله التوفيق وهو المستعان.