للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأخذ عد موسى مرتين ... وضع أصل الطبائع تحت ذين

وسكن خان شطرنج فخذها ... وادرج بين ذين المدرجين

فهذا اسم من يهواه قلبي ... وقلب جميع من في الخافقين

واعلم أن أكثر من يعتني باللغز العرب لكن لم يدونوه في الكتب وأكثر من يعتني بالمعمى أهل فارس ولهذا وقع جل التصانيف في المعمى على لسان الفرس وقد رتبوا له قواعد عجيبة وتقسيمات غريبة وتنويعات لطيفة وأما ما يوجد في لسان العرب فشيء نزر جدا ولقد وجدت في لسان العرب خمسة معميات فقط مع شدة تنقيري له وكثرة تتبعي عنه على أنه لم يقع في مرتبة لطافة أهل فارس الذي لو كان العلم عند الثريا لتناوله رجال منهم وإن أردت صدق هذا المقال فارجع إلى كتاب مولانا عبد الرحمن الجامي قدس سره خصوصا كتاب مولانا حسين المعمائي فإنك إن طالعته وجدته السحر الحلال وترى فيه العجب العجاب انتهى.

أقول: علم المعمى واللغز ليس مبنيا على أصل كلي وليست له قواعد وضوابط معينة مشخصة حتى يرجع إليها بل بناءه على خيال المعمائي وفكره وما أشده خرافة في العلوم وأكثره إضاعة للوقت بلا فائدة ترجع إلى أمر من الدين والدنيا وأكثر من ضيع به أوقاته الفرس ولهذا لا يوجد في علوم العرب إلا أقل قليل وهو أيضا باتباع العجم. والحديث المتقدم ليس المراد به علم المعمى وما يليه كما زعم صاحب١ مدينة العلوم بل المقصود منه علم الدين من الكتاب والسنة المطهرة كما ظهر مصداقه في أصحاب الحديث سيما البخاري ومسلم وليس المعمى من العلم في شيء حتى يستدل بالحديث عليه فما أبرد هذا الاستدلال وما أضعفه من الأقوال.

علم المغازي والسير

أي مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعها محمد بن إسحاق أولا ويقال أول من صنف فيها عروة بن الزبير وجمعها أيضا وهب بن منبه وأبو عبد الله محمد بن عائذ القرشي الدمشقي الكاتب وأبو محمد يحيى بن سعيد بن أبان الأموي الكوفي الحنفي المتوفى سنة إحدى وتسعين ومائة عن ثمانين سنة.

ومنها: مغازي محمد بن مسلم الزهري وابن عبد البر القرطبي المتوفى سنة ثلث وستين وأربعمائة وعبد الرحمن بن محمد الأنصاري وأبي الحسن علي بن أحمد الواقدي المتوفى سنة ثمان وستين وأربعمائة موسى بن عقبة بن أبي عياش المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة ومغازيه أصح المغازي كذا في المقتفى وهو من فروع علم التواريخ.

وموضوعه ومنفعته وغايته وغرضه لا يخفى على كل واحد من ذي اللب ولكن لما كان ثبوتها بالأحاديث والآثار جعلناها من فروع علم الحديث وفي هذا العلم مصنفات كثيرة أجلها وأفضلها تصنيف عبد الملك بن هشام ومغازي ابن إسحاق وغير ذلك ذكره في مدينة العلوم.


١ يعني من حيث أنه أورد الحديث المذكور في صفة أهل الفارس وكونهم علماء وجعل المعمى من جملة العلوم وقال لفظ العلم موضع الإيمان وهذا تسامح آخر فليعلم، حافظ علي حسين عفا عنه الله رب المشرقين.

<<  <   >  >>