السنن سكن مصر وانتشرت بها تصانيفه وأخذ عنه الناس وكان يتشيع امتحن بدمشق فأدرك الشهادة وحمل إلى مكة المكرمة فتوفي بها سنة ٣٠٣هـ وهو مدفون بين الصفا والمروة وكان يصوم يوما ويفطر يوما وكان موصوفا بكثرة الجماع وكان إماما في الحديث ثقة ثبتا حافظاً.
ونسا: مدينة بخراسان خرج منها جماعة من الأعيان ذكرت له ترجمة حسنة في الحطة والإتحاف مع بقية أصحاب الستة فلا نطول الكلام بذكرها هنا.
الشيخ عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن الخضر شيخ الإسلام مجد الدين أبو البركات بن تيمية الحراني جد الشيخ: تقي الدين.
قال الشوكاني في حقه: علامة عصره المجتهد المطلق شيخ الحنابلة المعروف: بابن تيمية.
قال الذهبي - في النبلاء -: ولد في حدود سنة ٥٩٠هـ وتوفي في سنة ٦٥٢هـ، يوم الفطر.
تفقه في صغره على: عمه: الخطيب فخر الدين ورحل إلى بغداد وهو ابن بضعة عشر وسمع بها من: أحمد بن سكينة وابن طبرزد ويوسف بن كامل.
وسمع بحران روى عنه: الدمياطي وولده الشيخ: شهاب الدين عبد الحليم وجماعة.
وتفقه وبرع واشتغل وصنف التصانيف وانتهت إليه الإمامة في الفقه ودرس القرآن وحج في سنة ٦٥١هـ، على درب العراق والتمس منه أستاذ دار الخلافة ببغداد: ابن الجوزي الإقامة عندهم فتعلل بالأهل والوطن وكان الشيخ ابن مالك يقول: ألين للشيخ المجد الفقه كما ألين لداود الحديث وابتهر علماء بغداد لذكائه وفضائله.
قال الشيخ تقي الدين: وجدناه عجيبا في سرد المتون وحفظ المذاهب بلا كلفة وصنف التصانيف مع الدين والتقوى وحسن الاتباع. قال شيخنا وبركتنا الإمام القاضي الشوكاني - في نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار -: وقد يلتبس على من لا معرفة له بأحوال الناس صاحب الترجمة هذا بحفيده شيخ الإسلام: تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام - شيخ ابن القيم - الذي له المقالات التي طال بينه وبين عصره فيها الخصام وأخرج من مصر بسببها وليس الأمر كذلك.
قال في تذكرة الحفاظ في ترجمة شيخ الإسلام: هو أحمد بن المفتي عبد الحليم بن الشيخ الإمام المجتهد عبد السلام. انتهى.
وبالجملة: كان إماما حجة بارعا في الفقه والحديث وله يد طولى في التفسير ومعرفة تامة في الأصول والاطلاع على مذاهب الناس وله ذكاء مفرط ولم يكن في زمانه مثله.
وله المصنفات النافعة كالأحكام المسمى: بالمنتقى وشرح الهداية وصنف: أرجوزة في القراءة وكتابا في أصول الفقه.
وشيخه في الفرائض والعربية: أبو البقا وحكى البرهان المراغي: أنه اجتمع به فأورد نكتة عليه فقال مجد الدين الجواب عنها عن مائة وجه: الأول كذا والثاني كذا وسردها إلى آخرها ثم قال للبرهان: وقد رضينا منك الإعادة فخضع له وانتهى.