نحن لا حاربنا، ولا انتصرنا، ولا ابتهجنا وها هو شاهد العصر، الشيخ الجبرتي يشهد أن معظم الزينة، كانت من صنع الإفرنج، الذين ابتهجوا لقهر الوهابية، سواء عن وعي بخطورة البعث الذي كانت تمثله، وللرفض الغريزي لكل حركة تنادي ببعث الإسلام، أو لأن جيوش الباشا كانت تفتح الجزيرة لتجارتهم، أو حتى لمجرد منافقة الباشا الذي نالوا في عهده الامتيازات، ما لم يسبق له مثيل.
فلنسمع ما قاله الجبرتي في وصف هذه الاحتفالات بعد ورود نبأ استيلاء إبراهيم باشا على الدرعية: "فأكثروا من ضرب المدافع من كل جهة، واستمر الضرب من العصر إلى المغرب، بحيث ضرب بالقلعة خاصة ألف مدفع، وصادف ذلك شنك أيام العيد، وعند ذلك أمر بعمل مهرجان وزينة، داخل المدينة، وخارجها، وتقيد لذلك أمين أفندي المعمار، وشرعوا في العمل وحضر كشاف النواحي والأقاليم بعساكرهم، ونودي با لزينة، وأولها الأربعاء، فشرع الناس في زينة الحوانيت، والخانات، وأبواب الدور ووقود القناديل والسهر وأظهروا الفرح والملاعيب، كل ذلك مع ما الناس فيه من ضيق الحال والكد في تحصيل أسباب المعايش، وعدم ما يسرجون به من الزيت والسيرج، والزيت الحار، وكذا السمن، فإنه شح وجوده، ولا يوجد منه إلا القليل عند بعض الزياتين، ولا يبيع الزيات زيادة عن الأوقية وكذلك اللحم لا يوجد منه إلا ما كان في غاية الرداءة من لحم النعاج الهزيل، وامتنع أيضاً وجود القمح بالساحل وعرصات الغلة، حتى الخبز امتنع وجوده بالأسواق، ولما أُنهي الأمر إلى مَن لهم ولاية الأمر، فأخرجوا من شون الباشا مقدارًا يُباع في الرقع، وقد أكلها السوس، ولا يباع منها أزيد من الكيلة أكثرها مسوس، وكذلك لما شكا الناس من عدم ما