للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعنى الثاني: أن الباء للسببية، وقيل: هو أقوى وأنسب أي من قام برجلٍ من العظماء من أهل المال والجاه مقاماً يتظاهر فيه بالصلاح والتقوى؛ ليعتقد فيه، ويصير إليه المال والجاه، أقامه الله مقام المرائين، ويفضحه ويعذبه عذاب المرائين (١).

وقد يحتمل أن تكون الباء في ((برجل)) للتعدية والسببية، فإن كانت للتعدية يكون معناه: من أقام رجلاً مقام سمعة ورياء، يعني: من أظهر رجلاً بالصلاح والتقوى، ليعتقد الناس فيه اعتقاداً حسناً، ويُعِزُّونه ويخدمونه؛ لينال بسببه المال والجاه، فإن الله يقوم له مقام سمعة ورياء بأن يأمر ملائكته بأن يفعلوا معه مثل فعله، ويظهروا أنه كذاب.

وإن كانت للسببية فمعناه: أن من قام وأظهر من نفسه الصلاح والتقوى لأجل أن يعتقد فيه رجلٌ عظيم القدر كثير المال؛ ليحصل له مال وجاه .. )) (٢).

وعن أسامة بن شريك - رضي الله عنه - قال: شهدتُ الأعرابَ يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلينا حرج في كذا؟ أعلينا حرج في كذا؟ [لأشياء ليس بها بأس]، فقال لهم: ((عباد الله وضع الله الحرج، إلا من اقترض من عرض أخيه شيئاً فذلك الذي حرج وهلك ... )) (٣).


(١) انظر: عون المعبود، ١٣/ ٢٢٥.
(٢) المرجع السابق، ١٣/ ٢٢٦.
(٣) أخرجه أحمد بنحوه، ٤/ ٢٧٨، والحاكم بلفظه، ٤/ ١٩٩، و٤/ ٤٩٩، وصححه ووافقه الذهبي. وابن ماجه، كتاب الطب، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، برقم ٣٤٣٦، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب الطب، باب الأمر بالدواء، برقم ٧٥١٢، وأبو داود، كتاب المناسك، باب فيمن قدّم شيئاً قبل شيء في حجه، برقم ٢٠١٥، والحديث صححه العلامة الألباني، انظر: صحيح ابن ماجه، ٢/ ٢٥٢، وصحيح الجامع، ٦/ ٢٩٤.

<<  <   >  >>