للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((وأما لعن الإنسان بعينه ممن اتصف بشيء من المعاصي كيهودي أو نصراني، أو ظالم، أو زانٍ، أو مصوِّر، أو سارقٍ، أو آكل ربا، فظواهر الأحاديث أنه ليس بحرام. وأشار الغزالي إلى تحريمه إلا في حق من علمنا أنه مات على الكفر، كأبي لهب، وأبي جهل، وفرعون، وهامان، وأشباههم، قال: لأن اللعن هو الإبعاد عن رحمة الله تعالى، وما ندري ما يُختم به لهذا الفاسق أو الكافر، قال: ويقرب من اللعن الدعاء على الإنسان بالشر حتى الدعاء على الظالم كقول الإنسان: لا أصحّ الله جسمه، ولا سلّمه الله، وما جرى مجراه ... )) (١).

قلت والأصوب - والله أعلم - ما ذهب إليه الغزالي من أنه لا يجوز لعن من اتصف بشيء من المعاصي إذا كان معلوماً بعينه إلا في حق من عُلِم بعينه، وقد علمنا أنه مات على الكفر، وذلك لأننا لا ندري ما يختم به لهذا الفاسق أو الكافر، فكم رأينا وكم سمعنا من أناس كانوا متلبسين بالمعاصي، أو الكفر، فهداهم الله وختم لهم بخير، فأصبحوا من أنصار الحق بعد أن كانوا من أنصار الباطل (٢).

ثم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن سب الأموات، وبيّن - صلى الله عليه وسلم - أنهم قد وصلوا إلى ما قدموا لأنفسهم، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما


(١) الأذكار للنووي، ٣٠٤.
(٢) وقد قرر ابن تيمية عدم جواز لعن المعيَّنين؛ لجواز توبتهم، انظر: فتاوى ابن تيمية،٢١/ ١٥٦، و٦/ ٥١١.

<<  <   >  >>