للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: ((أهلَ الثناء والمجد)): أهل الثناء: منصوب على النداء، والثناء هو الوصف الجميل والمدح.

قوله: ((والمجد)) أي: العظمة، ونهاية الشرف، يقال: رجل ماجدٌ مفضال كثير الخير شريف، والمجيد فعيل للمبالغة، ومنه سُمّي الله مجيداً (١).

قوله: ((الجَدّ)): المشهور فيه فتح الجيم، وهو: الحظ، والغنى، والعظمة، والسلطان، والمعنى: لا ينفع ذا الحظ في الدنيا بالمال والولد والعظمة والسلطان منك حظه، أي: لا ينجيه حظه منك، وإنما ينفعه وينجيه العمل الصالح، كقوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ} (٢)، فبيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه من كان له في الدنيا رئاسة ومال لم ينجه ذلك، ولم يخلِّصْه من الله؛ وإنما ينجيه من عذابه إيمانُه وتقواهُ، فهاهنا أصلان عظيمان: أحدهما: توحيد الربوبية، وهو أن لا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ، ولا مانع لما أعطاه، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يُسأل إلا هو. والثاني: توحيد الألوهية، وهو بيان ما ينفع، وما لا ينفع، وأنه ليس كل من أُعطي مالاً أو دنيا أو رئاسة كان ذلك نافعاً له عند الله، منجياً له من عذابه؛ فإن الله يعطي الدنيا من يحب، ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب (٣).


(١) انظر: العلم الهيب، ص ٢٨٩، وشرح حصن المسلم بتصحيح المؤلف، ص ١٠٧.
(٢) سورة الكهف، الآية: ٤٦.
(٣) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٤/ ١٩٤، وفتاوى شيخ الإسلام، ٢٢/ ٤٤٧.

<<  <   >  >>