وقيل: السلام بمعنى التسليم، أي: ندعو له بالسلامة من كل آفة، وإن قال قائل يكون هذا الدعاء في حياته عليه الصلاة والسلام واضحاً، لكن بعد مماته، كيف يناسب أن ندعو له بالسلامة؟ والجواب ليس الدعاء بالسلامة مقصوراً في حال الحياة، فهناك أهوال يوم القيامة؛ ولهذا كان دعاء الرسل أثناء عبور الناس الصراط:((اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ)) (١)، فالمرء لا ينتهي من المخاوف والآفات بمجرد موته.
كما قد يكون السلام بمعنى أعم؛ وهو السلام على شرعه وسنته وسلامتها من أن تنالها أيدي العابثين.
قوله:((أيُّها النبي)): منادى حُذفت منه ((يا)) النداء، والأصل: يا أيها النبي، وقيل في حكمة وصفه - صلى الله عليه وسلم - هنا بالنّبوّة؛ ليجتمع له الوصفان؛ فإنه وُصف بالرسالة في آخر التشهد، وإن كانت الرسالة تستلزم النبوة، فالتصريح بها أبلغ.
قوله:((ورحمة الله)) أي: ورحمة الله عليك، والرحمة إذا قُرِنت بالمغفرة، أو بالسلام، صار المراد بها: ما يحصل به المطلوب، والمغفرة والسلام: ما يزول به المرهوب، وإن أُفردت شملت الأمرين جميعاً، فأنت بعد أن دعوت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسلام، دعوت له بالرحمة؛ ليزول المرهوب، ويحصل له المطلوب.
قوله:((وبركاته)): جمع بِرْكَة: وهي الخير الكثير الثابت، فندعو
(١) البخاري، كتاب الأذان، باب فضل السجود، برقم ٨٠٦، ومسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، برقم ١٨٢، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.