كتاب منزلة الزكاة في الإسلام

المبحث الثاني: منزلة الزكاة في الإسلام - ص: 25

زكاته مُثِّل له يوم القيامة شجاعاً أقرع (١)، له زبيبتان (٢) يطوقه يوم القيامة, ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - ثم يقول: أنا مالك, أنا كنزك)) ثم تلا هذه الآية: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِله مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (٣). وفي لفظ: ((يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعاً أقرع, يفرُّ منه صاحبه ويطلبه, ويقول: أنا كنزك, قال: والله لن يزال يطلبه حتى يبسط يده فيلقمها فاه)) (٤).

وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني قال: ((هم الأخسرون وربِّ الكعبة)) قال: فجئت حتى جلست فلم أتقارَّ (٥) أن قمت, فقلت: يا رسول الله فداك أبي وأمي من هم؟ قال: ((هم الأكثرون أموالاً، إلا من قال: هكذا، وهكذا, وهكذا - من بين يديه, ومن خلفه, وعن يمينه, وعن شماله - وقليل ما هم, ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها, كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى

---

(١) الشجاع: الحية الذكر, والأقرع: الذي انحسر الشعر عن رأسه من كثرة سمه. شرح السنة للبغوي، ٥/ ٤٧٩.
(٢) زبيبتان: النكتتان السوداوان فوق عينيه, وهو أوحش ما يكون من الحيات وأخبثه، ويقال: الزبيبتان: الزبعتان تكون في الشدقين إذا غضب الإنسان أو كثر كلامه. شرح السنة للبغوي، ٥/ ٤٧٩.
(٣) سورة آل عمران, الآية: ١٨٠.
(٤) البخاري, كتاب الزكاة, باب إثم مانع الزكاة, برقم ١٤٠٣, وكتاب التفسير, باب {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: ١٨٠] وكتاب الحيل باب في الزكاة وأن لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة, برقم ٦٩٥٧.
(٥) لم أتقار: أي لم يمكني القرار والثبات. شرح النووي، ٧/ ٧٧.