للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الخامسة: تجب الزكاة على الفور، فلا يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه والتمكن منه؛ لأن الأمر بالزكاة يقتضي الفور؛ ولذلك يستحق المؤخِّرُ للامتثال العقابَ، ولو أن رجلاً أمر مملوكه أن يسقيه فتأخر ولم يستجب على الفور استحق العقوبة، ولله المثل الأعلى؛ ولأن التأخير ينافي الوجوب؛ لكون الواجب ما يستحق العقاب صاحبه على تركه؛ ولأن الزكاة وجبت لحاجة الفقراء ونحوهم وهي ناجزة فيجب أن يكون الوجوب ناجزاً، فإن أخرها ليدفعها إلى من هو أحقُّ بها من ذوي القرابة، أو ذوي الحاجة الشديدة جاز إذا كان وقتاً يسيراً وإن كان كثيراً لم يجز، لكن لو عجلها إليهم قبل نهاية الحول جاز، فإن أخرج الزكاة فلم يدفعها إلى الفقير حتى ضاعت لم تسقط عنه الزكاة؛ لأن الزكاة حق متعين على رب المال تلف قبل وصوله إلى مستحقه فلم يبرأ منه بذلك كدين الآدمي (١) (٢).


(١) المغني لابن قدامة، ٤/ ١٤٧ - ١٤٨، والمقنع مع الشرح الكبير، ٦/ ٣٨٧.
(٢) واختلف العلماء إذا أخر الزكاة فلم يدفعها للفقير حتى ضاعت. فعند الإمام أحمد لا تسقط وهو الراجح إن شاءالله تعالى. وذهب الشافعي إلى أنه إن لم يكن فرط في إخراج الزكاة وفي حفظ ذلك المخرج رجع إلى ماله, فإن كان فيما بقي زكاة أخر وإلا فلا، وقال أصحاب الرأي: يزكي ما بقي إلا أن ينقص عن النصاب فتسقط الزكاة فرط أو لم يفرط. ورأى الإمام مالك أنها تجزئه إن أخرجها في محلها, وإن أخرجها بعد ذلك ضمنها، وقال مالك: يزكي ما بقي بقسطه [المغني لابن قدامة ٤/ ١٤٨].

<<  <   >  >>