إذا تحمل الإنسان الشهادة فالأداء فرض عين. لقوله تعالى {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}[آل عمران/١٨٧] وهذا صريح في أنّ أداء الشهادة فرض عين ومن المعلوم أنّ أداء الشهادة فرض عين على من تحملها.
والقول الثاني: أنّ أداء الشهادة أيضا فرض كفاية. والمسألة تتصور فيما إذا تحمل أكثر من واحد فإذا لم يتحمل إلاّ واحد فإنّ الخلاف يلتغي لأنه إذا كان فرض كفاية ولم يتحمل إلاّ هو أصبح فرض عين عليه إنما يتصور فيما إذا كانوا أكثر من واحد والصواب مذهب الحنابلة وهو انه فرض عين. لأنّ القول بأنه فرض كفاية يؤدي إلى تدافع الشهادة وهي تؤدي بدورها إلى ضياع الحقوق الأقرب إن شاء الله أنه بالنسبة للأداء فرض كفاية ونحن نشاهد في الواقع ونسمع من كثير من الناس أنّ الإشكال في الأداء قد يكون أكبر من الإشكال في التحمل أليس كذلك؟ التحمل ممكن يأتي وينظر في القضية ويتحمل ويشهد. ثم متى طلب منه الأداء حصل التردد والتلكأ والتباطؤ وكثيرا ما يكون هذا التردد سببا في ضياع الحقوق ولذلك نقول أجاد الحنابلة كل إجادة في اعتبار الأداء فرض عين.
قال - رحمه الله - (متى دعي إليها)
يعني أنه يشترط للوجوب أن يدعى إليها فإن لم يدعى إليها فإنه لا يجب عليه. والدليل على هذا أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذمّ قوما من الناس يأتون آخر الزمان يشهدون ولا يستشهدون. فدل الحديث على أنّ من بذل الشهادة بلا طلب منه فهو مذموم ولهذا اشترط الحنابلة للوجوب أن تطلب منه.