للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويلزمونهم سؤالهم إياهم، ولا ينكرون عليهم اقتصارهم على مجرد أقاويلهم " (١)

بل يذهب الإمام الشاطبي في الموافقات إلى أبعد من هذا فيقول: " فتاوي المجتهدين بالنسبة إلى العوام كالأدلة الشرعية بالنسبة إلى المجتهدين، والدليل عليه أن وجود الأدلة بالنسبة إلى المقلدين وعدمها سواء، إذ كانوا لا يستفيدون منها شيئاً، فليس النظر في الأدلة والاستنباط من شأنهم، ولا يجوز ذلك لهم البتة، وقد قال تعالى: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " [النحل /٤٣]، والمقلد غير عالم، فلا يصح له إلا سؤال أهل الذكر، وإليهم مرجعه في أحكام الدين على الإطلاق، فهم إذن القائمون له مقام الشارع، وأقوالهم قائمة مقام الشارع " (٢)

أيها الأحبة في الله ..

إنَّ المتتبع لكتب الحديث يرى استدلال التابعين بأقوال من قبلهم من التابعين، واستدلال هؤلاء بأقوال وأعمال من قبلهم من الصحابة، وهو استدلال بأقوال وأعمال لم تذكر مع أدلتها، فدل ذلك على عدم اشتراط ذكر الأدلة لصحة الفتوى، أو جواز العمل بها، بل إننا لو تتبعنا آثار أئمة السلف، وأشد الناس إنكاراً على التقليد، لوقفنا على ما لا يحصى من الفتاوى العارية عن الأدلة.


(١) المعتمد لأبي الحسين البصري (٢/ ٣٦١) ط دار الكتب العلمية.
(٢) الموافقات (٤/ ٢٩٣) ط دار المعرفة ـ بيروت

<<  <   >  >>