للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إخوتاه ..

إنني أحاول من خلال هذه الرسالة أنْ أنبهكم لخطورة " قضية التعلم " فقد بات نوع من الفصام العجيب بين العلم والعمل، ولم تعدْ تألف وجود العالم العامل، كما كان الأمر من قبل، فقد غيبت المفاهيم، وانطلقت شعارات كـ " العلم للعلم " و" العلم المدني والعلم الشرعي " ونحو ذلك مما يدندن به أعداء هذه الأمة لسلب هويتها، بمسخ أصولها وقواعدها الركينة، فالعلم والعمل عندنا وجهان لعملة واحدة، لا فصام بينهما البتة، فالعلم عندنا ليس ترفًا معرفيًا، ولا تطلعًا فلسفيًا، ولا ينفصل عن عقيدة التوحيد قيد أنملة، بل العلم وسيلة للقرب من الله تعالى وتحقيق خشيته في القلوب، ولا علم دون عمل يثمره، ولا عمل دون علم يبصره.

قال الحسن: رأيت أقواما من أصحاب رسول الله يقولون: " من عمل بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه، والعامل بغير علم كالسائر على غير طريق، فاطلبوا العلم طلبا لا يضر بالعبادة، واطلبوا العبادة طلبا لا يضر بالعلم.

وكان الرجل يطلب العلم فيهم حتى لا يلبث أن يُرى ذلك في تخشعه وزهده ولسانه وبصره (١)


(١) سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٨٣)

<<  <   >  >>