للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحرق عباس ضمارا ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم. وفي لفظ أن عباس بن مرداس كان في لقاح له نصف النهار، إذ طلع عليه راكب على نعامة بيضاء وعليه ثياب بيض فقال له: يا عباس ألم تر أن السماء قد تعب أحراسها، وأن الحرب قد حرقت أنفاسها، وأن الخيل وضعت أحلاسها، وأن الذي نزل عليه البر والتقوى صاحب الناقة القصواء؟ فقال عباس: فراعني ذلك، فجئت وثنا لنا يقال له الضمار كنا نعبده وتكلم من جوفه فكنست ما حوله ثم تمسحت به، فإذا صائح يصيح من جوفه:

قل للقبائل من قريش كلها ... هلك الضمار وفاز أهل المسجد

هلك الضمار وكان يعبد مدة ... قبل الصلاة على النبي محمد

إن الذي ورث النبوة والهدى ... بعد ابن مريم من قريش مهتد

قال عباس: فخرجت مع قومي بني حارثة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فدخلت المسجد، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسم وقال: يا عباس كيف إسلامك، فقصصت عليه القصة، فقال: صدقت، وأسلمت أنا وقومي.

ومن ذلك خبر مازن بن الغضوبة قال: كنت أسدن: أي أخدم صنما بقرية بعمان: أي بالتخفيف تدعى سمائل، وسمال يقال له بادر. وفي لفظ باحر بالحاء المهملة، فعترنا ذات يوم عنده عتيرة وهي الذبيحة مطلقا. وقيل في رجب خاصة.

فسمعنا صوتا من جوف الصنم يقول: يا مازن اسمع تسرّ ظهر خير وبطن شر، بعث نبي من مضر بدين الله الكبر، فدع نحيتا من حجر، تسلم من حرّ سقر. قال مازن:

ففزعت لذلك وقلت: إن هذا لعجب، ثم عترت بعد أيام عتيرة: أي ذبحت ذبيحة لذلك الصنم، فسمعت صوتا من الصنم يقول:

أقبل إليّ أقبل ... تسمع ما لا تجهل

هذا نبي مرسل ... جاء بحق منزل

آمن به كي تعدل ... عن حر نار تشعل

وقودها بالجندل

فقلت: إن هذا لعجب، وإنه لخير يراد بي.

أقول: ورأيت في بعض السير تقديم هذه الأبيات على ما قبلها، وأن مازنا قال: ثم سمعت صوتا أبين من الأول، وهو يقول: يا مازن اسمع إلى آخره، والله أعلم.

قال مازن: فبينا نحن كذلك، إذ قدم رجل من أهل الحجاز قلنا له: ما الخبر وراءك؟ قال: قد ظهر رجل يقال له أحمد، يقول لمن أتاه أجيبوا داعي الله، فقلت

<<  <  ج: ص:  >  >>