للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعقد حبلا من حبالك في حبلى

والحبل العهد والميثاق.

وأشهد أن الله لا شيء غيره

أدين له (أي أخضع وأضيع)

ما أثقلت قدمي نعلي

ومن هذا النوع خبر تميم الداري: أي ويكنى أبا رقية اسم ابنة له لم يولد له غيرها روى عنه صلى الله عليه وسلم قصة الجساسة مع الدجال على المنبر، فقال: حدثني تميم الداري، وذكر القصة، قال بعضهم: وهذا أولى ما يخرّجه المحدثون في رواية الكبار عن الصغار.

وقد يكون من ذلك ما ذكر أبا بكر رضي الله تعالى عنه مر يوما على ابنته عائشة رضي الله تعالى عنها، فقال: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء؟ فقالت سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء كان يعلمناه، وذكر أن عيسى ابن مريم كان يعلمه أصحابه ويقول: لو كان أحدكم جبل دين ذهبا قضاه الله عنه، قال نعم يقول: «اللهم فارج الهم، كاشف الغم، مجيب دعوة المضطرين، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما أنت ترحمني، فارحمني برحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك» وعن أبي بكر رضي الله تعالى عنه قال: «كان عليّ دين وكنت له كارها فقلته، فلم ألبث إلا يسيرا حتى قضيته» .

قال تميم الداري رضي الله تعالى عنه: كنت بالشام حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت إلى بعض حاجاتي فأدركني الليل، فقلت: أنا في جوار عظيم هذا الوادي، فلما أخذت مضجعي إذا مناد ينادي لا أراه، عذ بالله، فإن الجن لا تجير أحدا على الله، فقلت أيم تقوله؟ وأيم بتشديد الياء وبإسكانها وفتح الميم فيهما: أي أيما شيء تقول؟ فقال: «قد خرج رسول الأميين رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلينا خلفه بالحجون: أي وهو مقبرة مكة التي يقال لها المعلاة كما تقدم وأسلمنا واتبعناه، وذهب كيد الجن، ورميت بالشهب، فانطلق إلى محمد صلى الله عليه وسلم فأسلم، فلما أصبحت ذهبت إلى دير أيوب، فسألت راهبة وأخبرته، فقال: صدقوك نجده يخرج من الحرم أي مكة، ومهاجره الحرم: أي المدينة، وهو خير الأنبياء فلا تسبق إليه، قال تميم: فطلبت الشخوص:

أي الذهاب حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت.

أقول: وهذا يدل ظاهرا على أن تميما الداري أسلم بمكة قبل الهجرة، فهو مما الكلام فيه، بل رأيت في تتمة الخبر: فسرت إلى مكة، فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم وكان مستخفيا فآمنت به.

ورأيت بعضهم قال: وهذه الرواية غلط، لأن تميما الداري إنما أسلم سنة تسع من الهجرة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>