للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جندي للدفاع عن هذه البلاد، في ظل الأخطار التي تتعرض لها الولايات الأخرى في آسيا، وأوروبا ومصر، ولا يمكن الحصول على جنود منها، ولم يكن ثمة مجال في البحث عن قوى عسكرية لبلاد الشام سوى أرمينية القريبة التي يمكن الاعتماد عليها.

ويقودنا هذا العامل إلى ضرورة البحث في نقطتين:

الأولى: التواجد القبلي في بلاد الشام عشية الفتح الإسلامي.

الثانية: اهتمام النبي محمد صلى الله عليه وسلم ببلاد الشام.

ففيما يتعلق بالنقطة الأولى، فقد انتشرت بعض القبائل العربية في مناطق الحدود الفاصلة بين الجزيرة العربية، وبلاد الشام مشكلة سدًا استغلته بيزنطية لصد غارات البدو على المناطق الزراعية.

فقد سكن بنو عذرة، وبنو سعد هزيم على الطريق الممتد من شمالي الحجاز إلى بلاد الشام، وامتد بعض أفخاذهم، وبطونهم إلى وادي القرى١ في الشمال، واتصلوا بالمسلمين في أواخر حياة النبي، واعتنق بعض بني عذرة الإسلام قبل غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة٢.

وسكنت إراشة وهي فرع من بلي في منطقة البلقاء في الشمال، فجاورت البيزنطيين، وأقامت حلفًا معهم، وساهمت في قتال المسلمين في معركة مؤتة٣، فأرسل إليهم النبي سرية بقيادة عمرو بن العاص، فقاتلهم وفرقهم، وهي الغزوة التي عرفت بذات السلاسل٤، اضطرت بعدها إراشة إلى الدخول في الإسلام، ثم ارتدت بعد وفاة النبي٥.

وأشارت روايات المصادر إلى نزول لخم بين مدين٦، وتبوك امتدادًا إلى أذرح٧


١ وادي القرى، واد بين المدينة والشام من أعمال المدينة، كثير القرى. الحموي: ج٥ ص٣٤٥.
٢ تذكر روايات المصادر أن أحد قادة المسلمين في معركة مؤتة كان رجلًا من بني عذرة يقال له: قحطبة بن قتادة -انظر سيرة ابن هشام ج٤ ص٧٢. وتبوك: موضع بين وادي القرى، والشام وهو بين الحجر وأول الشام، المصدر نفسه: ج٢ ص١٤.
٣ مؤتة: قرية من قرى البلقاء في حدود الشام، وقيل: مؤتة من مشارف الشام، المصدر نفسه: ج٥ ص٢١٩، ٢٢٠.
٤ ابن هشام: ج٤ ص٢٣٩.
٥ تتحدث المصادر من غارة قام بها عمرو بن العاص أثناء حروب الردة على بلي، وبعض القبائل الأخرى، الطبري: ج٣ ص٣٠٥.
٦ مدين: قرية تجاه تبوك بين المدينة والشام، الحموي: ج٥ ص٧٧.
٧ أذرح: اسم بلد في أطراف الشام من أعمال الشراة، ثم من نواحي البلقاء. المصدر نفسه: ج١ ص١٢٩.

<<  <   >  >>