للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعندما اضطر المسلمون للجلاء عن حمص قبل معركة اليرموك، طلب أبو عبيدة من عامله على الخراج أن يعيد ما كان قد أخذه من أهل حمص إليهم، "فإنه لا ينبغي لنا إذا لم نمنعهم أن نأخذ منهم شيئًا"١.

واجتمع حبيب بن مسلمة بأهل حمص ورد عليهم ما لهم، فقالوا له: "ردكم الله إلينا، ولعن الذين كانوا يملكوننا من الروم، ولكن والله لو كانوا هم ما ردوا علينا بل غصبونا، وأخذوا ما قدروا عليه من أموالنا، لولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم، والغشم، ولندفعن جند هرقل عن المدينة مع عاملكم"٢.

الجيش البيزنطي ٣:

عندما بحثنا في أوضاع الإمبراطورية الفارسية، تناولنا أوضاع الجيش الفارسي من حيث تشكيلاته، وعدته وتكتيكه العسكري، وحتى نستكمل الدراسة العسكرية للقوى المسلحة التي واجهها المسلمون أثناء الفتوح، نبحث هنا أوضاع الجيش البيزنطي.

لقد وضع الإمبراطور موريس، والقائد بلزاريوس أساس الجيش البيزنطي، وزاد الإمبراطور هرقل من كفاءته، وقدرته القتالية، وانتصر به على الفرس، والصقالبة والآفار.

أعاد الإمبراطور موريس تنظيم الهيكل العام للجيش، ووضع أسس التجنيد، ورفع عديد الوحدة القتالية إلى أربعمائة، وجعلها الوحدة الأساسية للجيش، ثم جمع عددًا من هذه الوحدات في مجموعة واحدة يتراوح عديدها بين ستة وثمانية آلاف، وسماها "الفرقة".

وتشكل فرقة الفرسان الثقيلة عماد الجيش البيزنطي بما لها من أهمية كبيرة، ويرتدي الفارس قميصًا معدنيًا من رقبته حتى الفخذين، ويحمل درعًا مستديرًا، كما يرتدي قلنسوة على رأسه، وقفازًا طويلًا يغطي اليدين إلى ما بعد الرسغ، وينتعل حذاء من الصلب، وزودت جياد الضباط، وقوات الخط الأمامي بمقدمة حديد لحمايتها، وجهزت الجياد بسروج مريحة، وركاب حديدي.

يستخدم الفارس أثناء القتال سيفًا عريضًا، وخنجرًا وقوسًا، ويحمل جعبة مملوءة بالسام وحربة طويلة، ويثبت بلطة في سرج جواده أحيانًا.


١ الأزدي: فتوح الشام، ص١٥٥.
٢ المصدر نفسه: ص١٣٨، البلاذري: ص١٤٣.
٣ مونتغمري، فيلد مارشال: الحرب عبر التاريخ ص١٩٤- ٢٠٢.

<<  <   >  >>