للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- الواقع أن اختيار أبي بكر كان صائبًا، وملائمًا لمتطلبات المرحلة بفعل ما تمتع به من خصال حميدة، وقبول واسع في أوساط المهاجرين، والأنصار الذين وجدوا فيه الرجل القادر على جمع الصفوف، وتوفير حد مقبول من الاتفاق والإجماع، كما كان ذا شرف، وهيبة في عيون القبائل.

-ارتبط مصير المسلمين بعامة ارتباطًا وثيقًا بمسألة الخلافة، وبالتالي بمسألة تسوية الأوضاع الداخلية للمسلمين، لذلك كان الانتهاء من هذه القضية الشرط اللازم، والضروري لعملية البدء بإعادة ترميم التصدعات الكبرى في الكيان السياسي الإسلامي، وارتبطت هذه بوحدة قريش التي مثلت السند القوي لأبي بكر تجاه القبائل.

- حددت الظروف الموضوعية التي تمت فيها مبايعة أبي بكر، الإطار العام للسياسة التي وجب عليه اتباعها، وهي المحافظة على ما حققه النبي من إنجازات فعمد، بعد مبايعته، إلى التعريف بسياسته في منصبه الجديد، وشرح مهمات الخلافة، وعلاقتها بعامة المسلمين، وذلك في الخطبة التي ألقاها في المسجد حيث قال: أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه، والقوي ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق، إن شاء الله تعالى، لا يدع أحد منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله، فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله"١.

إن قراءة متأنية لهذه الخطبة نلاحظ أنها تضمنت النقاط التالية:

- خليفة المسلمين هو واحد منهم وليس بخيرهم، له ما لهم وعليه ما عليهم.

- لا يجوز أن تتعدى صلاحيات الخليفة صلاحات المخلوف، وطاعة المسلمين له مقرونة ومرهونة بذلك، فعلى الخليفة أن يقود الأمة كما كان النبي قد قادها من قبله.

- إصلاح الخليفة إذا شذ عن النهج النبوي، ورقابته واجب على المسلمين٢.

وقد بقي أبو بكر مخلصًا لهذه التصورات السياسية محافظًا عليها طوال حياته.


١ سيرة ابن هشام: ج٤ ص٢٦٢.
٢ إبراهيم: ص١٢٥، ١٢٥.

<<  <   >  >>