للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النتائج السياسية لاجتماع السقيفة:

كان لاجتماع السقيفة أثر كبير في الحياة السياسية للدولة الإسلامية في العصر الراشدي، فقد:

- مثلت مسألة الإمارة، واختيار خليفة للنبي قادر على لم شمل المسلمين، البعد الداخلي لهذه الأزمة التي عصفت بالمسلمين بعد وفاة النبي.

- أقر مبدأ الشورى كما جاء في القرآن الكريم، على الرغم من أن عملية انتخاب أبي بكر كانت أقرب إلى الواقع السياسي منها إلى إجراء انتخابي، لكن سرعان ما خرجت البيعة عن إطار الشورى إلى إطار التعيين "خلافة عمر بن الخطاب"، أو إلى ما يشبه التعيين "خلافة عثمان بن عفان"، ثم إلى إطار الاختيار كأمر واقع من قبل بعض المسلمين في ظل ظروف قاهرة "خلافة علي بن أبي طالب"، وستتطور في عهد دولة الخلافة الأموية، وما يليه من عهود أخرى باتجاه التعيين، وفقًا لتطور الظروف السياسية التي يمر بها كل عهد.

- انبثق نظام الخلافة في الدولة الإسلامية، ويقوم هذا النظام على مبدأ الانتخاب المباشر لاختيار أصلح الموجودين من كبار رجال الصحابة في العصر الراشدي على الأقل، وأصبحت البيعة شرطًا من شروطه.

- ترتب على مبدأ الانتخاب مبدأ آخر هو البيعة، وكانت على ضربين: خاصة وعامة، فالبيعة الخاصة جرت في اجتماع السقيفة، ولم ير فيها المسلمون البيعة المشروعة، فعقدوا في الغداة اجتماعًا آخر في المسجد الجامع حيث بايع عامة المسلمين أبا بكر خليفة.

كانت البيعة تتم في أول الأمر بالمصافحة، أو بضرب كف المبايع على كف الخليفة، ثم تطورت في العصور اللاحقة لعصر الراشدين، واتخذت عدة طرق منها: تقبيل طرف رداء الأمير، أو تقبيل الأرض بين يديه، وهذه محاكاة لما كان يجري في بلاد الفرس١.

- استنت البيعة الخطبة التي يلقيها الخليفة، ويعلن فيها برنامجه في الحكم، واستمرت هذه الخطبة بمفهومها حتى يومنا هذا، وأصبحت تعرف بخطاب العرش، أو البيان الوزاري، والجدير بالذكر أن هذا المبدأ لم يكن من ابتكار أبي بكر، ولكنه كان معروفًا في فارس وبيزنطية، فاستحسنها العرب بعد أن بدأ بها أبو بكر، وساروا عليها٢.

- استقر الوضع السياسي على أربع فئات هي:


١ مقدمة ابن خلدون: ص١٧٤، ١٧٥.
٢ الشامي، أحمد: الخلفاء الراشدون ص٣٠- ٣٢.

<<  <   >  >>